ولا بارتهان إلا إن كانا فقيرين، فيأخذ الفقير منهما من مال ولده من كسوة وأكل وسكني وخدمة وما احتاجا إليه فقط، وأما الولد فيأكل من بيت أبيه وبيت أمه ما شاء بغير إذنها ولا يأكل من غير البيت شيئًا.
ص: وقالوا: قول النبي -عليه السلام- ليس على التمليك منه للأب كسب الابن، إنما هو على أنه لا ينبغي للابن أن يخالف الأب في شيء من ذلك، وأن يجعل أمره فيه نافذًا كأمره فيما يملك، ألا تراه يقول:"أنت ومالك لأبيك"؟ فلم يكن الابن مملوكًا لأبيه بإضافة النبي -عليه السلام- إياه إليه، فكذلك لا يكون مالكًا لماله بإضافة النبي -عليه السلام- إياه إليه.
وقد حدثنا فهد، قال: ثنا محمَّد بن سعيد، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما نفعني مال قط ما نفعي مال أبي بكر، فقال أبو بكر -رضي الله عنه -: أنا ومالي لك يا رسول الله".
فلم يرد أبو بكر -رضي الله عنه - بذلك أنّ ماله للنبي -عليه السلام- ملكًا ,ولكنه أراد أن أمره ينفذ فيه وفي نفسه كما ينفذ أمر ذى المال في ماله بإيجابه ذلك له، فكذلك قوله:"أنت ومالك لأبيك" هو على هذا المعنى أيضًا.
ش: أي قال أهل المقالة الثانية، وهذا جواب عما احتج به أهل المقالة الأولى بالحديث المذكور، وهو ظاهر، واستشهد على ذلك بحديث أبي هريرة.
وأخرجه بإسناد صحيح. ورجاله رجال الصحيح ما خلا فهدًا.
وأبو معاوية محمَّد بن خازم الضرير.
والأعمش هو سليمان بن مهران، وأبو صالح ذكوان الزيات.
وأخرجه النسائى (١): عن محمَّد بن عبد العزيز، عن أبي معاوية، عن الأعمش نحوه.