للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه النسائي (١): عن يونس بن عبد الأعلى أيضًا.

وقد اشترك الطحاوي مع النسائي في تخريج هذا الحديث عن شيخ واحد.

قوله: "إلا منيحة ابني" وهي الناقة التي يعطيها صاحبها لآخر ينتفع بلبنها ويعيدها، وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوبرها وصوفها زمانًا ثم يردها، وفيه دلالة على أن الأب لا يملك مال ابنه، وأن قوله -عليه السلام-: "أنت ومالك لأبيك" ليس للتمليك في جميع مال الابن وإنما هو في الأكل والشرب منه بمقدار حاجته عند احتياجه إليه، وفيه الحض على الأضحية، حتى احتج به بعضهم على وجوبها، وفيه استحباب حلق الرأس وقص الأظفار والشارب وحلق العانة يوم عيد الأضحية، وعن هذا قال بعضهم: من أراد أن يضحي ينبغي أن لا يمس من شعره ولا من أظفاره شيئًا إلا يوم العيد، وكان ابن سيرين يكره إذا دخل العشر أن يأخذ الرجل من شعره حتى يكره أن يحلق الصبيان في العشر، وهو قول الشافعي وأبي ثور وإسحاق وأبي سليمان، وإليه ذهب الأوزاعي وأهل الظاهر، وخالفهم في ذلك مالك وأبو حنيفة، وقد مرَّ الكلام فيه مستوفى في كتاب الأضاحي.

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فلما قال هذا الرجل: يا رسول الله، أضحي بمنيحة ابني فقال رسول الله -عليه السلام-: لا، وقد أمره أن يضحي من ماله وحَضَّه عليه؛ دل ذلك على أن حكم مال ابنه خلاف حكم ماله، مع أن أولى الأشياء بنا حمل هذه الآثار على هذا المعنى لأن كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ- يدل على ذلك، قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {يُوصِيكُمُ الله في أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (٢) ثم قال: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} (٢) فورث الله -عَزَّ وَجَلَّ- غير الوالد مع الوالد من مال الابن، فاستحال أن يكون المال للأب في حياة الابن ثم يصير بعضه لغير الأب في حياة الأب، ثم قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (٢) فجعل الله المواريث للوالد وغيره بعد قضاء الدين -إن كان على الميت- وبعد إنفاذ وصاياه من ثلث ماله.


(١) "المجتبى" (٧/ ٢١٢ رقم ٤٣٦٥).
(٢) سورة النساء، آية: [١١].

<<  <  ج: ص:  >  >>