ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فاحتج قوم بهذا الحديث، فزعموا أن فيه ما قد دلهم أن القافة يحكم بقولهم وتثبت به الأنساب، قالوا: ولولا ذلك لأنكر النبي -عليه السلام- على مجزز ولقال له: وما يدريك، فلما سكت ولم ينكر عليه؛ دل أن ذلك القول مما يؤدي إلى حقيقة يجب بها الحكم.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: عطاء بن أبي رباح والأوزاعي ومالكًا والشافعي وأحمد ابن حنبل وداود وسائر الظاهرية وأكثر أهل الحديث؛ فإنهم حكموا بقول القافة في تمييز الأنساب إذا اشتبهت، وقال الخطابي: في حديث عائشة دليل على ثبوت أهل القافة وصحة الحكم بقولهم في إلحاق الولد، وذلك أنه -عليه السلام- لا يظهر السرور إلا بما هو حق عنده، وممن أثبت الحكم بالقافة: عمر وابن عباس - رضي الله عنهم -، وبه قال مالك والشافعي، وعليه أهل الحديث.
وقال ابن حزم في "المحلي"(١): والحكم بالقافة في لحاق الولد واجب في الحرائر والإماء، وهو قول الشافعي وأبي سليمان، وقال مالك: يحكم بشهادتهم في ولد الأمة ولا يحكم به في ولد الحرة، وهذا تقسيم بلا برهان.
وقال عياض: اختلف الناس في القول بالقافة، فنفاه أبو حنيفة وأثبته الشافعي، ونفاه مالك في المشهور عنه في الحرائر وأثبته في الإماء، وقد روى الأبهري، عن الرازي، عن ابن وهب، عن مالك أنه أثبته في الحرائر والإماء جميعًا.
ثم اختلفوا: هل يحتاج فيه إلى اثنين وأنه بمعنى الشهادة -وهو قول مالك والشافعي- أم يكتفى فيه بواحد -وهو قول القاسم من أصحابنا-؟.
واختلفوا إذا ألحقته القافة بمدعييه معًا، هل يكون ابنًا لهما؟
وهو قول سحنون وأبي ثور. وقيل: يترك حتى يكبر فيوالي من شاء منهما، وهو قول عمر بن الخطاب، وقاله مالك والشافعي، وقال عبد الملك ابن الماجشون ومحمد بن مسلمة: يلحق بأكثرهما له شبهًا، قال ابن مسلمة: إلا إن علم الأول