قوله:"في حديث أبي المهلب" وهو الذي أخرجه عن أبي بكرة، عن سعيد بن عامر، عن عوف عنه.
وقد اعترض ابن حزم هاهنا وقال: وما نعرف إلحاق الولد باثنين عن أحد من المتقدمين إلا عن إبراهيم النخعي ولا حجة في أحد دون رسول الله -عليه السلام-، والثابت عنه -عليه السلام- يكذب جواز كون ولد من مني أبوين.
وهو الذي رويناه من طريق مسلم (١): ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير، قالا: ثنا أبو معاوية ووكيع، قالا: ثنا الأعمش، عن زبد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود، حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يُرسل الملك فينفخ فيه الروح. . . ." الحديث فصح يقينًا أن ابتداء العدد من حين وقوع النطفة وبلا شك أن الدقيقة التي تقع فيها النطفة في الرحم هي غير الدقيقة التي تقع فيها نطفة الواطئ الثاني فلو جاز أن يجمع الماءين فيصير منهما ولد واحد لكان العد مكذوبًا فيه؛ لأنه إن عد في حين وقوع نطفة الأولى فهو للأول وحده فلو استضاف إليه الثاني لابتداء العدد من وقت حلول المني الثاني فكان يكون في الأربعين يومًا نقص وزيادة بلا شك.
قلت: هذا تخبيط ولا يلزم من اجتماع الماءين في رحم المرأة كون العد مكذوبًا فيه؛ لأنه لا شك أن ابتداء العد من حين وقوع النطفة في الرحم، فإذا وقعت نطفة الأول في ساعة مثلًا ووقعت نطفة الثاني عقيب تلك الساعة صار كله ماءً واحدًا فلم يتعلق الخلق بالماء الأول وحده، بل إنما تعلق به العد، وذا لا يضر ولا ينافي أن يكون الولد من ماءين أو أكثر، ولو لم يكن هذا جائزًا لما حكم به عمر - رضي الله عنه - حيث جعل الولد فيما ذكرنا بين الاثنين، وكذلك على بن أبي طالب - رضي الله عنه - حكم كذلك، على ما يأتي الآن.