للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: معنى هذه الألفاظ مأخوذ من إغماء المريض، يقال: غُمِّي عليه، وأُغْمِي، والرباعي أفصح، وقد يصح أن يُرجع إلى ما تقدم من إغماء السماء والسحاب، وقد يكون أيضًا من التغطية، ومنه قولهم: غممت الشيء، إذا سترته، والغمى مقصور ما سُقِّف به البيت من شيء، ووقع في حديث محمد بن سلام الجمحي في هذا الحرف عند القاضي الشهيد عُمِيَ -بالعين المهملة والميم المخففة- وكذا حدثنا به الحُسَني عن الطبري، ومعناه: خفي، يقال: عمي عليه الخبر: خفي.

وقيل: هو من العَماء، وهو السحاب الرقيق، وقيل: السحاب المرتفع أي دخل في العَماء أو يكون من العمى المقصور وهو عدم الرؤية.

وقد وقع في كتاب أبي داود: "فإن حالت دونه غائمة". وفي كتاب الترمذي: "غيامة". وهو بمعنى، وهذا يفسر أنه من الغمام على من رواه "غُمّ" وقد وقع عند البعض فإن غَبي عليه بفتح الغين المعجمة وتخفيف الباء الموحدة، ومعناه خفِي، وبعضهم ضم الغين على ما لم يُسمّ فاعله.

قوله: "فاقدروا له" أي قَدَّروا تمام الشهر بالعدد ثلاثين يومًا، يُقال: قَدَرْتُ الشيء أقْدُرُه وأَقْدِره وقدّرته وأقدرته بمعنىً.

وقال ابن قتيبة: معناه أي قدروه بالمنازل.

قال الإمام: ذهب بعض العلماء إلى أن الهلال إذا التبس يحسب له بحساب المنجمين، وزعم أن هذا الحديث يدل عليه، واحتج أيضًا بقوله: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (١) وحمل جمهور العلماء معنى الحديث على أن المراد به إكمال العدة ثلاثين يومًا، كما فسره في حديث آخر، وكذلك تأولوا قوله سبحانه: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (١) على أن المراد به الاهتداء في الطريق في البر والبحر، وقالوا أيضًا: لو كان التكليف يتوقف على حساب التنجيم لضاق الأمر فيه، ولا يعرف ذلك إلا قليل من الناس، والشرع مبني على ما يعرفه الجماهير، وأيضًا فإن


(١) سورة النحل، آية: [١٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>