وأخرجه البخاري (١): ثنا إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه، عن سليمان، عن حميد الطويل، سمع أنس بن مالك يقول:"آلى رسول الله -عليه السلام- من نسائه، وكانت انفكت رِجْلُهُ، فأقام في مَشْرُبة له تسعًا وعشرين، ثم نزل، فقالوا: يا رسول الله، آليت شهرًا؟ فقال: الشهر تسع وعشرون".
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن الرجل إذا حلف أن لا يُكَلِّمَ رجلًا شهرًا فكلمه بعد مضي تسعة وعشرين يومًا؛ أنه لا يحنث، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: عامرًا الشعبي، وسويد بن غفلة، والشافعي في قولٍ، وأحمد في رواية، فإنهم قالوا: مَن حلف ألا يكلم زيدًا -مثلًا- شهرًا، فكلمهُ بعد مُضي تسعة وعشرين يومًا؛ أنه لا يحنث، واحتجوا في ذلك بالأحاديث المذكورة.
وإليه ذهب محمد بن الحكم من المالكية.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون؛ فقالوا: إن كان الحلف مع رؤية الهلال؛ فهو على ذلك الشهر كان ثلاثين يومًا أو تسعًا وعشرين يومًا، وإن كان حلف في بعض شهر فيمينه على ثلاثين يومًا.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: النخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكًا، والشافعي في قول، وأحمد في رواية؛ فإنهم قالوا: إن كان الحلف. . . . إلى آخره.
وقال عياض: ومذهبنا أن من عليه صوم شهر غير معين أو صوم شهر من الكفارات المتتابعة، وكان ابتداء صومه للأهلة، فإنه يجزئه ما كان منها تسعًا وعشرين.