للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى الخطابي أنه لا يجزئه إلا أن يكون معينًا.

ومذهب مالك أنه إن صامه على غير الأهلة، فلا يجزئه إلا ثلاثين يومًا.

ص: واحتجوا في ذلك بالحديث الذي ذكرناه في أول هذا الباب، أن رسول الله -عليه السلام- قال: "الشهر تسع وعشرون، فهذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فأكملوا ثلاثين".

أفلا تراه قد أوجب عليهم إذا غُمّيَ: ثلاثين، وجعله على الكمال حتى يروا الهلال قبل ذلك، وكذلك أيضًا في شعبان أمر بالصوم بعد ما يُرى هلال شهر رمضان، فهذا غُمي عليهم لم يصوموا وكان شعبان على الثلاثين، إلا أن ينقطع ذلك برؤية الهلال.

ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- المذكور فيما مضى.

قوله: "أفلا تراه" توضيح لما قبله أي: أفلا ترى النبي -عليه السلام- قد أوجب على أمته. . . . إلى آخره.

ص: وقد رُوِيَ عن رسول الله -عليه السلام- في ذلك غير ما في الآثار الأُوَل:

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "حلف رسول الله -عليه السلام- ليهجرنا شهرًا، فدخل علينا لتسع وعشرين، فقلتُ: يا رسول الله، إنك حلفت ألا تكلمنا شهرًا، وإنما أصبحتَ من تسع وعشرين، فقال: الشهر لا يتم".

فأخبر أنه إنما فعل ذلك لنقصان الشهر، فهذا دليل على أنه كان حلف عليهن مع غرة الهلال، فكذلك نقول.

ش: أشار بهذا إلى أن استدلال أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه بالأحاديث المتقدمة غير تام؛ لأنه قد رُوِيَ في هذا الباب غير ما في الأحاديث المتقدمة، وهو حديث عائشة -رضي الله عنها-، فإنه دليل على أنه -عليه السلام- قد كان حلف على نسائه مع غرة

<<  <  ج: ص:  >  >>