للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم إن شئت. فلم أزل أحدثه حتى كشر الغضب عن وجهه، وكشر يضحك، وكان من أحسن الناس ثغرًا، فنزل النبي -عليه السلام-، ونزلت أتشبث بالجذع، ونزل كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت: يا رسول الله، كنت في الغرفة تسعةً وعشرين يومًا؟ قال رسول الله -عليه السلام-: إن الشهر قد يكون تسعة وعشرين. فقمتُ على باب المسجد فناديتُ بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله -عليه السلام- نسائه، ونزلت هذه الآية: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (١) قال: "فكنت أنا الذي استنبطتُ ذلك من رسول الله -عليه السلام-" (٢).

ص: ورُوِيَ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي -عليه السلام- في ذلك: ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا هارون بن إسماعيل، قال: ثنا علي بن المبارك، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة حدثه، أن رسول الله -عليه السلام- قال: "إن الشهر يكون تسعًا وعشرين ويكون ثلاثين، فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فأكملوا العدة".

فأخبر رسول الله -عليه السلام- في هذا الحديث أنه إنما يكون تسعًا وعشرين برؤية الهلال قبل الثلاثين، فقد دلّت هذه الآثار لمّا كشفَت على ما ذكرنا، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: أي فيما ذكرناه من أن الشهر يكون تسعًا وعشرين برؤية الهلال.

وأخرجه بإسناد صحيح، وأبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه النسائي (٣): عن سليمان بن سيف، عن هارون بن إسماعيل البصري، عن علي بن المبارك، عن يحيى عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، نحوه.


(١) سورة النساء، آية: [٨٣].
(٢) "البحر الزخار" (١/ ٣٠٣ رقم ١٩٥).
(٣) "المجتبى" (٤/ ١٣٩ رقم ٢١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>