للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المحققون من الأصوليين: "الفاء" للتعقيب فلهذا تدخل في الجزاء، فإن قال: إن دخلت هذه الدار فأنت طالق. فالشرط أن تدخل على الترتيب من غير تراخ. وقد تدخل في المعمول نحو جاء الشتاء فتأهب.

وقد يكون المعلول عين العلة في الوجود لكن في المفهوم غيرها، نحو: سقاه فأرواه.

وقوله: "لا يجزي ولدٌ والده إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه".

وقال الخطابي (١): قوله: "فيعتقه" ليس معناه استئناف العتق فيه بعد الملك؛ لأن العلماء قد أجمعوا على أن الأب يعتق على الابن إذا ملكه في الحال، وإنما وجهه أنه إذا اشتراه ودخل في ملكه عُتِقَ عليه، فلما كان الشراء سببًا لعتقه أضيف العتق إلى عقد الشراء إذا كان تولد منه ووقوعه به، وإنما صار هذا جزاء له، وأداءً لحقه؛ لأن العتق أفضل ما يُنْعِم به أحد على أحدٍ؛ لأنه يخلصه من الرق، ويجبر منه النقص الذي فيه، ويكمل له أحكام الأحرار في الأملاك والأنكحة والشهادة ونحو ذلك.

ص: فذهب قوم إلى أن من ملك أباه لم يعتق عليه حتى يعتقه.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: ربيعة ومالكًا ومكحولًا، فإنهم قالوا: لا يعتق إلا بعتق شراء.

وقال الكاساني (٢): إذا اشترى أباه أو أمه أو ابنه عتق عليه، نوى أو لم ينو، عند عامة العلماء.

وقال مالك: لا يعتق إلا بإعتاق مبتدأ واحتج بحديث أبي هريرة المذكور، وقال: حقق الإعتاق عقيب الشراء ولو كان الشراء نفسه إعتاقًا لم يتحقق الإعتاق عقيبه, لأن إعتاق المُعْتق لا يتصور، فدل أن شراء القريب ليس


(١) "معالم السنن" (٤/ ١٣٩ رقم ١٣٩٨).
(٢) "بدائع الصنائع" (٣/ ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>