للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإعتاق، ولأن الشراء إثبات الملك، والإعتاق إزالة الملك، وبينهما منافاة فكيف يكون اللفظ الواحد إثباتًا وإزالة؟!.

والجواب: أما عن الحديث فعن قريب يجيء.

وأما قوله: الشراء إثبات الملك والإعتاق إزالة الملك، فنعم، لكن الممتنع إثبات الحكم [وضده] (١) بلفظ واحد في زمان واحد، أما في زمنين فلا؛ لأن علل الشرع في الحقيقة دلائل وأعلام على المحكومات الشرعية، فيجوز أن يكون لفظ الشراء السابق عَلَمًا على إثبات الملك في الزمان الأول، وذلك اللفظ بعينه عَلَمًا على ثبوت العتق في الزمان الثاني، إذ لا تنافي عند اختلاف الأزمان.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: يعتق عليه بملكه إياه.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: النخعي، والأوزاعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدًا، والشافعي وإسحاق، وداود فإنهم قالوا: إذا ملك أباه يعتق عليه بمجرد الملك، ولا يحتاج إلى عتق مستأنف، وأما إذا ملك غير الوالدين من ذي الرحم المحرمة وغيرهم ففيه خلاف وتفصيل.

فقال أصحابنا: شرط العتق أن يكون من ذوي الرحم المحرمة، وذو الرحم المحرم كل شخصين يدليان إلى أصل واحد بغير واسطة كالأخوين، أو أحدهما بواسطة والآخر بواسطة كالعم وابن العم وكذلك إذا ملك ابن العم والعمة أو ابنتها أو ابن خاله أو خالته أو ابنتيهما، وكذا لو ملك حليلة ابنه أو منكوحة أبيه، أو أما من الرضاع لا تعتق؛ لأن في الأول وجد رحم بلا محرم، وفي الثاني وجد المحرم بلا رحم.

وقالت طائفة: لا يعتق إلا من ولده من جهة أب أو أم, أو من ولده هو كذلك، ولا يعتق غير هؤلاء لا أخ ولا غيره وهو قول الشافعي، وقال


(١) في "الأصل": الواحد، والمثبت من "بدائع الصنائع".

<<  <  ج: ص:  >  >>