فعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف يجب القصاص للمولى؛ لأنه لا استيفاء هاهنا.
وقال محمد: لا يجب.
الثالث: أن المكاتب يُقام عليه حَدُّ المملوك؛ لقول ابن عباس:"ويقام على المكاتب حدُّ المملوك".
قال أصحابنا: يؤخذ المكاتب بأسباب الحدود الخالصة وغيرها نحو الزنا والسرقة والشرب والسكر والقذف؛ لا القن؛ لأن القن يؤخذ بها، فالمكاتب أولى، ولا يقطع في سرقته من مولاه؛ لأنه عبده، وكذا لا يقطع في سرقة من آل مولاه ولا من امرأة مولاه، ولا من كل ذي رحم محرم من مولاه، ولو سرق منه أجنبي يقطع بخصومته؛ لأن المكاتب أحق بمكاسبه ومنافعه فكانت له الخصومة كالحرِّ، فيقطع بخصومته (١).
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن المكاتب يعتق بقدر ما أدى، ويكون حكمه فيه حكم الحُرِّ، ويكون حكمه فيما لم يؤدِّ حكم العبد، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الشعبي، وعكرمة، والحكم بن عتيبة، وإبراهيم النخعي، وشريحًا، وعطاء بن أبي رباح، وأحمد بن حنبل في قول، وداود وجماعة الظاهرية، وقد مَرَّ الكلام فيه مستوفى.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا يعتق إلا بأداء جميع المكاتبة.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الزهري، والثوري، والأوزاعي، وقتادة، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدًا، ومالكًا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، فإنهم قالوا: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم.