الآخر: الأمر هاهنا للاستحباب، وهو قول الشافعي وأبي ثور؛ لأنهم يقولون: إن وطأ الزنا لا يحرم شيئًا ولا يوجب حكمًا. والحديث حجة عليهم.
قوله:"هو لك يا عبد بن زمعة" معناه: هو لك بيدك عليه، لا إنك تملكه، ولكن يمنع بيدك عليه كل من سواك منه، كما قال في اللقطة:"وهي لك بيدك عليها، يدفع غيرك عنها حتى يجيء صاحبها" ليس على إنه ملك له.
قوله:"الولد للفراش" أي لصاحب الفراش.
"وللعاهر الحجر" أي للزاني الحجر.
قيل: معناه أن الحجر يرجم به الزاني المحصن، وقيل: معناه: أن الزاني له الخَيْبة، ولا حظّ له في الولد؛ لأن العرب تجعل هذا مثلًا في الخَيْبة كما يقال: له التراب، إذا أرادوا: له الخَيْبة، وقد مرّ الكلام فيه مستوفىً في باب الرجل ينفي ولد امرأته.
ص: فدهب قوم إلى أن الأَمة إذا وطأها مولاها فقد لزمه كل ولد تجيء به بعد ذلك، ادعاه أو لم يدعه، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث؛ لأن رسول الله -عليه السلام- قال:"هو لك يا عبد بن زمعة، ثم قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر" فألحقه رسول الله -عليه السلام- بزمعة لا لدعوة ابنه؛ لأن دعوة الابن للنسب لغيره من أبيه غير مقبولة، ولكن لأن أُمّه كانت فراشًا لزمعة بوطئه إياها.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الزهري، والشافعي، ومالكًا, وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور وداود، فإنهم قالوا: إذا وطئ الرجل أَمَته، لزمه كل ولدٍ تجيء به بعد ذلك، ادَّعاه أو لم يدعه.
وقال أبو عمر: قال مالك: إذا أقر بوطئها صارت فراشًا، وإن لم يدع استبراءً لَحِقَ به وَلدُها، وإن ادّعى استبراءً حَلف وبريء من ولدها.
وقال ابن حزم: قال مالك: يلحق به ولد الأَمَه بوطئه إياها، إلا أن يدعي استبراءً، ثم لم يطأها.