فجاز ذلك عليهما في المال الذي يكون لهما لو لم يقرا بما أقر به من ذلك، ولم يجب بذلك ثبوت نسب يجب به حكم فيخلى بينه وبين النظر إلى سودة.
ش: تقرير السؤال أن يقال: إنكم قلتم لم يثبت نسب ابن وليدة زمعة؛ لأن النسب إنما يثبت إذا كان فراش، ففي حديث عبد الله بن الزبير المذكور ما يدل على ثبوت نسبه منه؛ لأنه -عليه السلام- قال:"أما الميراث فله".
فهذا يدل على أنه -عليه السلام- قضى بنسبه منه بأنه لا توارث بين الأجنبيين.
وتقرير السؤال أن يقال: إن عبد بن زمعة ادعى نسب هذا -ذلك الابن- وزعم أنه ابن أبيه، فصح إقراره في حق الميراث وشاركه فيه ولم يثبت النسب؛ لأن فيه حمل النسب على غيره، فلم يلزم من ثبوت الميراث بهذه الطريقة ثبوت النسب، وكذلك سودة يجوز أن تكون قالت مثل ما قال عبد، والحال أنهما وارثان معه؛ فكانا بذلك مقرين له بوجوب الميراث من تركة زمعة، فصح ذلك بطريق صحة إقرارهم، ولم يلزم من ذلك ثبوت النسب على ما ذكرنا، وهو معنى قوله:"فجاز ذلك عليهما في المال. . . . إلى آخره".
قوله:"ولم يجب بذلك" أي: بما ادعى عبد وسودة ومشاركته إياهما في الميراث بثبوت نسب يجب به الحكم يقتضي جواز نظره إلى سودة، فلذلك قال -عليه السلام- لسودة:"احتجبي منه".
ص: فإن قال قائل: إنما كان أمرها بالحجاب منه لما كان رأى من شبهه بعتبة كما في حديث عائشة - رضي الله عنها -.
قيل له: هذا لا يجوز أن يكون كذلك؛ لأن وجود الشبه لا يجب به ثبوت النسب، ولا يجب بعدمه انتفاء النسب، ألا يرى أن الرجل الذي قال لرسول الله -عليه السلام-: "إن امرأتي ولدت غلاما أسود" فقال له رسول الله -عليه السلام-: "هل لك من إبل؟ " فقال: نعم. فقال:"ما ألوانها؟ " فذكر كلاما، قال: "فهل فيها