وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
ش: أشار بهذا الجواب عما احتج به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من أثر عمر بن الخطاب وابنه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -.
وبيانه أن يقال: نعم هذا الذي ذكرتم قد رُوِيَ عن عمر وابنه عبد الله، ولكن قد رُوِيَ أيضًا عن عبد الله بن عباس وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم - ما يخالف ما رُوِيَ عنهما -على ما نبينه الآن إن شاء الله- فإذا كان الأمر كذلك قد تساوت أقوالهم، وهو معنى، قوله:"فقد تكافت أقوالهم" فإذا تساوت أقوالهم ولم يبق فيما رُوِيَ عنهم حجة لأحد الفريقين, لأن أحد الفريقين، إذا احتج على الآخر بما رُوِيَ عن بعضهم يحتج الآخر عليه بما رُوِيَ عن الآخرين، وجب عند ذلك الرجوع إلى النظر والقياس الصحيح ليُستخرج من القولين قولٌ صحيح على ما هو القاعدة وبَيَّن ذلك بقوله:"فرأينا الرجل. . . . إلى آخره".
أما ما رُوِيَ عن ابن عباس فأخرجه بإسناد صحيح عن إبراهيم بن مرزوق، عن عبد الصمد بن عبد الوارث العنبري البصري، عن شعبة بن الحجاج، عن عمارة بن أبي حفصة ثابت الأزدي البصري، عن عكرمة، عن ابن عباس.
وأخرجه عبد الرزاق (١): عن محمد بن عمر، عن عمرو بن دينار:"أن ابن عباس وقع على جارية له وكان يعزلها فولدت فانتفى من ولدها".
وأما ما روي عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - فأخرجه من ثلاث طرق صحاح:
الأول: عن عيسى بن إبراهيم الغافقي المصري شيخ أبي داود والنسائي، عن سفيان بن عُيينة، عن أبي الزناد -بالنون- عبد الله بن ذكوان، عن خارجة بن زيد.