حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي قال: ثنا سفيان، وعن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد:"أن أباه كان يعزل عن جارية فارسيَّة، فحملت بحمل، فأنكره، وقال: إني لم أكن أريد ولدك، وإنما أستطيب نفسك، فجلدها وأعتقها، وأعتق الولد".
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - مثله، غير أنه لم يقل:"فأعتقها وأعتق ولدها".
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب قال:"ولدت جاريةٌ لزيد بن ثابت - رضي الله عنه -, فقال: إنه ليس مني، وإني كنت أعزل عنها".
فهذا زيد بن ثابت وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قد خالفا عمر وابن عمر - رضي الله عنهما - في ذلك، فقد تكافأت أقوالهم ووجب النظر لنستخرج من القولين قولًا صحيحًا، فرأينا الرجل إذا أقر بأن هذا ولده من زوجته، ثم نفاه بعد ذلك لم ينتف، وكذلك لو ادعى أن حملها منه، ثم جاءت بولد من ذلك الحمل لم يكن له أن ينفيه بلعان ولا بغيره؛ لأن نسبه قد ثبت منه، فهذا حكم ما قد وقعت عليه الدعوة. مما ليس لمدعيه أن ينفيه.
ورأيناه لو أقر أنه وطئ امرأته ثم جاءت بولدٍ فنفاه، لكان الحكم في ذلك أن يُلاعَن بينهما، ويخرج الولد عن نسب الزوج ويُلْحق بأمّه، فلم يكن إقراره بوطء امرأته يجب به ثبوت نسب ما تلد منه. ولم يكن في حكم ما قد لزمه مما ليس له نفيه.
فلما كان هكذا حكم الزوجات كان حكم الإماء أَحْرى أن يكون كذلك، فإن أقر رجلٌ بولد أمته أنه منه، أو أقر وهي حامل أن ما في بطنها منه لزمه ولم يُنتف منه بعد ذلك أبدًا، وإن أقر أنه قد وطئها لم يكن ذلك في حكم إقراره بولدها أنه منه، بل يكون بخلاف ذلك، فيكون له أنه ينفيه، ويكون حكمه وإن أقر بوطأ أمته منه كحكمه لو لم يكن أقر بوطئها، قياسًا على ما وصفنا من الحرائر.