والشافعي في "مسنده"(١): عن محمَّد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله -عليه السلام- قال:"لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه"، وقال الشافعي: غنمه: زيادته، وغرمه: هلاكه ونقصه.
وأخرجه البيهقي في كتاب "الخلافيات": عن محمَّد بن عبد الله الحافظ، عن أبي بكر بن أحمد، عن عبد الله بن يوسف الأصبهاني، عن محمَّد بن يعقوب، عن الربيع بن سليمان، عن الشافعي، به.
الثاني: عن محمَّد بن خزيمة، عن يوسف بن عدي بن زريق شيخ البخاري، عن عبد الله بن إدريس الحنظلي، عن عبد الملك بن جريج، عن عطاء بن أبي رباح وسليمان بن موسى القرشي الأموي الدمشقي الأشدق، فقيه أهل الشام في زمانه.
قوله:"لا يغلقُ الرهن" برفع القاف على الخبر، أي ليس يغلق الرهن، ومعناه: لا يذهب ويتلف باطلًا، قاله أبو عمر، وقال أيضًا: والأصل في ذلك: الهلاك، والنحويون يقولون: غلق الرهن إذا لم يوجد له تخلص، وقال ابن الأثير: هو من غَلِقَ الرهنُ يَغْلَقُ غُلُوقًا إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تخليصه، والمعنى أنه لا يستحقه المرتهن إذا لم يستفكه صاحبه، وكان هذا من فعل الجاهلية: أن الراهن إذا لم يؤد ما عليه في الوقت المعين ملك المرتهن الرهن، فأبطله الإِسلام، وقال الأزهري: يقال: غَلِقَ البابُ وانْغَلَق واسْتَغْلَق إذا عَسُرَ فتحه، والغلق في الرهن ضد الفك، فإذا فك الراهن الرهن فقد أطلقه من وثاقه عند مرتهنه، وقد أَغْلَقْتُ الرهن فَغَلِقَ: أي أوجبته فوجب للمرتهن، وباب هذه المادة من باب عَلِمَ يَعْلَمُ. فافهم.