للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فقال قائل: لما قال رسول الله -عليه السلام-: "لا يغلق الرهن، لصاحبه غنمه وعليه غرمه" ثبت بذلك أن الرهن لا يضيع بالدين، فإن لصاحبه غنمه وهو سلامته، وعليه غرم الدين بعد ضياع الرهن".

ش: أراد بهذا القائل: الشافعي، فإنه قال هذا القول، وفسر الغنم والغرم بما فسره. وبقوله قال أحمد وأبو ثور وابن المنذر، وإليه ذهب الزهري والأوزاعي وعطاء بن أبي رباح.

قال ابن قدامه: الرهن إذا تلف بغير جناية من المرتهن ولا تفريط منه فلا ضمان عليه، وهو من مال الراهن، يروي ذلك عن علي - رضي الله عنه -، وبه قال الشافعي.

ويروى عن شريح والنخعي والحسن: أن الرهن يُضمن بجميع الدين وإن كان أكثر من قيمته؛ لأنه روي عن النبي -عليه السلام- أنه قال: "الرهن بما فيه"، وقال مالك: إن كان تلفه بأمر ظاهر كالموت والحرق فمن ضمان الراهن، وإن أدعى تلفه بأمر خفي لم يقبل قوله وضَمِن.

وقال ابن حزم (١): وأما هلاك الرهن بغير فعل الراهن ولا المرتهن فللناس فيه خمسة أقوال:

قالت طائفة: يترادان الفضل. تفسير ذلك: أن الرهن إن كانت قيمته وقيمة الدين سواء فقد سقط الدين عن الذي كان عليه، ولا ضمان عليه في الرهن، فإن كانت قيمة الرهن أكثر سقط الدين ومقداره من الرهن، وكلف المرتهن أن يؤدي إلى الراهن مقدار ما كان تزيده قيمة الرهن على قيمة الدين، وإن كانت قيمة الرهن أقل، سقط من الدين بمقداره، وأدى الراهن إلى المرتهن فضل ما زاد الدين على قيمة الرهن، وهو قول عبيد الله بن الحسن وأبي عبيد وإسحاق بن راهويه.


(١) "المحلى" (٨/ ٩٦ - ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>