للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت طائفة: ذهب الرهن بما فيه، سواء كان قيمة الدين أو أقل أو أكثر، إذا تلف، سقط الدين، ولا يغرم أحدهما للآخر شيئًا. صحَّ هذا عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي وشريح والشعبي والزهري وقتادة.

وصح عن طاوس في الحيوان يرتهن. وروينا عن النخعي والشعبي: "فيمن ارتهن عبدًا فاعوَّر عنده قالا: ذهب بنصف دينه".

وقالت طائفة: إن كان الرهن مما يخفى كالثياب ونحوها، فضمان ما تلف منها على المرتهن بالغة ما بلغت، ويبقى دينه بحسبه حتى يؤدى إليه بكماله.

وإن كان الرهن مما يظهر كالعقار والحيوان فلا ضمان فيه على المرتهن، ودينه باق بكماله حتى يؤدى إليه، وهو قول مالك.

وقالت طائفة: سواء كان مما يخفى أو مما لا يخفى لا ضمان فيه على المرتهن أصلًا، ودينه باق بكماله حتى يؤدى إليه.

وهو قول الشافعي وأبي ثور وأحمد بن حنبل وأبي سليمان، وأصحابهم.

وقالت طائفة: إن كانت قيمة الرهن أكثر من قيمة الدين أو مثلها، فقد بطل الدين كله، ولا غرامة على المرتهن في زيادة قيمة الرهن على قيمة الدين، فإن كانت قيمة الرهن أقل من قيمة الدين سقط من الدين مقدار قيمة الرهن، وأدى الراهن إلى المرتهن ما بقي من دينه.

وهو قول إبراهيم النخعي وقتادة.

وبه يقول أبو حنيفة وأصحابه، ويروى ذلك عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم -.

ص: وهذا تأويل قد أنكره أهل العلم جميعًا باللغة، وزعموا أنه لا وجه له عندهم، والذي حملنا على أن نأتي بهذا الحديث وإن كان منقطعًا: احتجاج الذي يقول بالمسند علينا، ودعواه أنا خالفناه، وقد كان يلزمه على أصله لو أنصف خصمه أن لا يحتج بمثل هذا، إذ كان منقطعًا، وهو لا تقوم الحجة عنده بالمنقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>