فإن قال: قبلته وإن كان منقطعًا؛ لأنه عن سعيد بن المسيب، ومنقطع سعيد بن المسيب يقوم مقام المتصل.
قيل له: ومن جعل لك أن تخص سعيدًا بهذا وتمنع منه مثله من أهل المدينة، مثل أبي سلمة والقاسم وسالم وعروة وسليمان بن يسار وأمثالهم من أهل المدينة، والشعبي وإبراهيم النخعي وأمثالهما من أهل الكوفة، والحسن وابن سيرين وأمثالهما من أهل البصرة، وكذلك من كان في عصر من ذكرنا من سائر فقهاء الأمصار، ومن كان فوقهم من الطبقة الأول من التابعين مثل علقمة والأسود وعمرو بن شرحبيل وعَبيدة وشريح -رحمهم الله-.
لئن كان هذا لك مطلقًا في سعيد بن المسيب، فإنه مطلق لغيرك فيمن ذكرنا، وإن كان غيرك ممنوعًا من ذلك فإنك ممنوع من مثله، لأن هذا تحكم، وليس لأحد أن يحكم في دين الله بالتحكم.
ش: أي التأويل الذي تأوله الشافعي في قول سعيد بن المسيب: "له غنمه وعليه غرمه" تأويل قد أنكره عليه أهل العلم جميعًا باللغة، فحكى عن أبي عمرو غلام ثعلب: أنه أخطأ من قال: الغرم الهلاك، بل الغرم اللزوم ومنه الغريم؛ لأنه لزمه الدين، وقال تعالى:{إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}(١) أي لازما، والصحاح: الغرامة: ما يلزم أداؤه، وكذلك المغرم والغرم، وفي كتاب "الأفعال": غارمت غرما: لزمني ما لا يجب علي.
وقد فسر غير الشافعي الحديث بأشياء موافقة لما قاله أهل اللغة؛ فقال الهروي في "الغريبين": قال ابن عرفة: الغرامة عند العرب: ما كان لازما، والغرم: أداء شيء يلزم، ومنه الحديث:"له غنمه وعليه غرمه".