وقال الجصاص: الغرم: الدين، فيكون تفسيرا لقوله:"لا يغلق الرهن، أي: لا يملك بالشرط عند محل الأصل، ولصاحبه إذا جاء زيادته وعليه دينه الذي هو مرهون به".
وفي "التمهيد": قال أبو عبيد: لا يجوز في كلام العرب أن يقال للرهن إذا ضاع: قد غلق، إنما يقال: غلق، إذا استحقه المرتهن فذهب به، وهذا كان من فعل الجاهلية فأبطله النبي -عليه السلام- بقوله:"لا يغلق الرهن"، وقال مالك تفسيره بما يرى: أن يرهن شيئًا فيه فضل فيقول للمرتهن: إن جئتك تجعل إلي كذا؛ وإلا فالرهن لك بما فيه، فهذا لا يحل، وهو الذي نهي عنه، وبنحو هذا فسره الزهري والنخعي والثوري وطاوس وشريح.
وفي "القواعد" لابن رشد: أن أبا حنيفة وأصحابه تأولوا غنمه بما فضل منه، وغرمه بما نقص، ومعنى قوله:"وعليه غنمه" عند مالك ومن قال بقوله: أي نفقته.
وحكى صاحب "التمهيد" عن أبي حنيفة، ومالك وأصحابهما في تأويل الحديث كما حكاه ابن رشد.
فالحاصل: أن الشافعي احتج بمرسل سعيد بن المسيب، وأوله بتأويل أنكره عليه أهل العلم جميعًا باللغة.
وأقل الأحوال أنه يجعل غير ما ذكر مما تقدم من التأويلات وترك القول بالتضمين مع أنه منصوص عليه في عدة أحاديث قد تأيد بعضها ببعض، وتأيدت بأقوال السلف والتابعين، على أن مذهب ابن المسيب بخلاف ما تأول الشافعي حديثه به، فقال صاحب "التمهيد": قال شريح والشعبي وغير واحد من الكوفيين: يذهب الرهن بما فيه؛ كانت قيمته مثل الدين أو أكثر منه أو أقل، ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء، وهذا قول الفقهاء السبعة المدنيين إذا هلك وعميت قيمته ولم تقم بينة، فإن قامت بينة يردا الفضل، وهكذا قال الليث، وقال:. . . . (١) بلغني عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - انتهى كلامه.