للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن أبي ذئب مدني وليس بشامي، على أن إسماعيل لم يسمعه من ابن أبي ذئب وإنما سمعه من عباد بن كثير، وعباد ضعيف عندهم.

ولئن سلمنا أنه حديث مسند صحيح فهو حجة عليه لا علينا, لأن قوله: "لا يغلق الرهن" معناه لا يهلك، إذ الغلق يستعمل في الهلاك، قال الكاساني (١): كذا قال بعض أهل اللغة، وعلى هذا كان الحديث حجة عليه، لأنه يذهب بالدين فلا يكون هالكًا معنىً، وقيل: معناه لا يستحقه المرتهن ولا يملكه عند امتناع الراهن عن قضاء الدين، وهذا كان حكمًا جاهليًّا جاء الإِسلام فأبطله.

وقوله: "عليه غرمه" أي نفقته وكفنه ونحن نقول به. والله أعلم.

ص: وقد قال أهل العلم في تأويل قول رسول الله -عليه السلام- غير ما ذكرت:

حدثنا علي بن عبد العزيز -فيما أعلم، فإن لم يكن فقد دخل فيما كان إجازةً لي- قال: ثنا أبو عُبيد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم: "في رجل دفع إلى رجل رهنًا وأخذ منه دراهم وقال: إن جئتك بحقك إلى كذا وكذا، وإلا فالرهن لك بحقك. فقال إبراهيم: لا يغلق الرهن". قال أبو عبيد: فجعله جوابًا لمسألته.

وقد روي عن طاوس نحوٌ من هذا، بلغني ذلك عن ابن عيينة، عن عمرو، عن طاوس. قال: وأخبرني عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك بن أنس وسفيان ابن سعيد: "أنهما كانا يفسرانه على هذا التفسير".

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن مالك بن أنس بذلك أيضًا.

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو اليمان، قال: أنا شعيب، عن الزهري، قال: سمعت ابن المسيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يغلق الرهن".

فبذلك يمنع صاحب الرهن من أن يبتاعه من الذي رهنه عنده حتى يباع من غيره، فذهب الزهري أيضًا في ذلك الغلق إلى أنه في البيع لا في الضياع.


(١) "بدائع الصنائع" (٥/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>