للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرى، ثم إن السبب عندنا أصل الشركة لا قدرها، وأصل الجوار لا قدره؛ حتى لو كان للدار شريك واحد، أو جار واحد أخذ كل الدار بالشفعة، كثرت شركته وجواره أو قَلَّت، وعلى هذا يخرج قول أصحابنا في قسمة الشفعة بين الشركاء عند اتحاد السبب، وهو الشركة أو الجوار: أنها تقسم على قدر الرءوس لا على قدر الشركة، وبه قال إبراهيم النخعي، والشعبي، والحسن البصري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري، وشريك النخعي، والحسن بن حَيّ، وعثمان البتي، وعُبيد الله بن الحسن، وأبو سليمان، والشافعي في قول، وقال الشافعي في قول آخر: على قدر الشركة في ملك الجميع، حتى لو كانت الدار بين ثلاثة نفر، لأحدهم نصفها, وللآخر ثلثها, وللآخر سدسها، فباع صاحب النصف نصيبه كانت الشفعة بين الباقين أثلاثًا: ثلثاه لصاحب الثلث، وثلثه لصاحب السدس على قدر الشركة، وهو قول عطاء بن أبي رباح، ومحمد بن سيرين، والحسن البصري في رواية, ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأبي عُبيد وسوار بن عبد الله.

ثم خلف مَن يتأول الشفعة للجار فقال أصحابنا: لا شفعة إلا للجار الملازق كما ذكرناه، وقال الحسن بن حَيّ للجار مطلقًا بعد الشريك.

وقال آخرون: الجار الذي تجب له الشفعة أربعون دارًا حول الدار، وقال آخرون: من كل جانب من جوانب الدار أربعون دارًا. وقال آخرون: هو كل من صلى معه صلاة الصبح في المسجد. وقال بعضهم: أهل المدينة كلهم جيران.

وقال ابن حزم (١): روينا من طريق أبي الجهم، نا أحمد بن الهيثم، نا سليمان بن حرب، ثنا أبو العيزار، سمعت أبا قلابة يقول: "الجوار أربعون دارًا".

ومن طريق ابن الجهم، نا أحمد بن فرج، نا نصر بن علي الجهضمي، نا أبي، نا الوليد، سمعت الحسن يقول: "أربعون دارًا هَاهنا وأربعون دارًا هَاهنا، هي من جوانبنا الأربع، أربعون، أربعون".


(١) "المحلى" (٩/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>