قوله:"أتكسر ثنية الربيع" استفهام على سبيل الإنكار.
قوله:"كتاب الله القصاص" أراد قول الله تعالى: {السِّنَّ بِالسِّنِّ}.
قوله:"إن من عباد الله .. إلى آخره" قاله رسول الله -عليه السلام- تعجبًا من قسم أنس بن النضر.
وإبرار الله تعالى قسمه يستفاد منه أحكام:
الأول: فيه جواز العفو للولي عن القصاص؛ وأخذ الدية بالتراضي.
الثاني: فيه أن السن بالسن، لقوله -عليه السلام-: "كتاب الله القصاص" فتأخذ الثنية بالثنية، والناب بالناب، والضرس بالضرس، والأعلى بالأعلى، والأسفل بالأسفل؛ وسواء في ذلك كسر السن أو قلعها، وكيفية ذلك أن يؤخذ في الكسر من سن الكاسر مثل ما كسر بالمبرد، وفي القلع يؤخذ سنه بالمبرد إلى أن ينتهي إلى اللحم ويسقط ما سوى ذلك.
وقيل في القلع: تقلع سنهُ؛ لأن تحقيق المماثلة فيه، والأولى الاستيفاء على وجه النقصان؛ إلا أن في القطع احتمال الزيادة؛ لأنه لا يؤمن فيه أن يفعل المقلوع أكثر مما فعل القالع.
الثالث: فيه إشارة إلى أفضلية العفو عن القصاص وتركه بالكلية، أو أخذه الأرش بالتراضي.
الرابع: فيه أن وجوب القصاص هو العمد.
الخامس: فيه أنه لا خيار للولي بين القصاص وأخذ المال، إذ لو كان له الخيار؛ لكان رسول الله -عليه السلام- خير المنزوعة ثنيتها بين القصاص وأخذ المال، فلما حكم بالقصاص وأخبر أنه كتاب الله القصاص؛ ثبت بذلك أن الواجب هو القصاص في مثل هذه الصورة، لا المال؛ فإذا اختار الولي المال ليس له ذلك إلا بالتراضي، ولا يجوز لأحد إثبات شيء معه ولا نقله إلى غيره إلا بمثل ما يجوز نسخ الكتاب، وهذا معنى قوله:"فلما كان الحكم الذي حكم به رسول الله -عليه السلام-. . . . إلى آخره".