للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسعها من القدرة، وفرق بعضهم بين الكاهن والعراف بأن الكاهن: الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدَّعي معرفة الأسرار.

والعراف الذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة، وقد كان في العرب كهنة منهم مَن يزعم أن له صاحبًا من الجن يلقي إليه الأخبار، ومنهم من يدعي أنه يعرف الأمور بمقدمات أسبابها، ومنهم من سمى المنجم كاهنًا.

وفي قوله -عليه السلام-: "هذا من إخوان الكهان" دليل على أن الكهان كانوا يسجعون أو كان الأغلب منهم السجع، وهذا معروف عن كهان الأعراب يعني عن الاستشهاد عليه.

قوله: "من أجل سجعه" كلمة "مِن" هاهنا للتعليل، و"السجع": أصله من سَجَعَت الحمامة أي هدرت، وسَجَعَت الناقة: أي مدَّت حنينها على جهة واحدة، قال الجوهري: السجع: الكلام المقفى، والجمع: أسجاع وأساجيع، وقد سجع الرجل سجعًا، وسجَع تسجيعًا، وكلام مسجَّع، وبينهم أسجوعة، وعند أهل البديع: السجع: تواطؤ الفاصلتين من النثر على حرف واحد، والفاصلة في النثر كالقافية في النظم، والسجع في النثر كالقافية في الشعر، فإن اختلفت الفاصلتان في الوزن سمي سجعًا مطرفًا، نحو قوله تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} (١) وإن لم يختلفا فلا يخلو إما أن يكون ما في إحدى القرينتين كلمة أو أكثر مثل ما يقابله من القرينة الأخرى في الوزن والتقفية، أو لم يكن؛ فالأول يسمى سجعًا مرصعًا، نحو قول الحريري: فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه.

والثاني يسمى سجعًا متوازنًا نحو قوله تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} (٢) (٣).


(١) سورة نوح، آية: [١٣، ١٤].
(٢) سورة الغاشية، آية: [١٣، ١٤].
(٣) انظر "خزانة الأدب" (٢/ ٤١١ - ٤١٣) فقد ذكر هناك أنواع السجع وأمثلته.

<<  <  ج: ص:  >  >>