قوله:"على عصبة القاتلة" أي المرأة القاتلة، والعصبة: بنو الرجل وقرابته لأبيه، وسموا عصبة لأنهم عصبوا به، أي أحاطوا به، فالأب طرف، والابن طرف، والعم جانب، والأخ جانب، والجمع العصبات.
قوله:"بغرة" الغرة عند العرب أنفس شيء يملك، وتطلق الغرة على الإنسان ذكرًا كان أو أنثى، والغرة هاهنا النَّسْمَة من الرقيق ذكرًا كان أو أنثى؛ وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: الغرة: عبد أبيض أو أمة بيضاء، وإنما سميت غرة لبياضها, ولا يقبل في الدية عبد أسود أو جارية سوداء، قال: ولولا أن رسول الله -عليه السلام- أراد بالغرة معنىً زائدًا على شخص العبد والأمة لما ذكرها, وليس ذلك بشرط عند الفقهاء؛ لعموم الحديث.
وقيل: إطلاق الغرة على العبد والأمة على طريق التوسع والمجاز، فإن الغرة اسم للوجه؛ لأن الوجه أشرف الأعضاء فسمي الجبار من المماليك غرة؛ لأنه في المماليك كالوجه في الأعضاء.
قوله:"عبد أو أمة" عطف بيان من الغرة، وحمله غير واحد من العلماء على التفسير لا على الشك؛ فافهم.
ويستنبط منه أحكام:
الأول: إذا ضرب بطن امرأة فألقت جنينًا حيًّا ثم مات بقرب خروجه، وعلم أن موته كان من أجل الضربة ففيه الدية كاملة، وأنه يعتبر فيه الذكر والأنثى، وفي إجماعهم على ما ذكرنا دليل واضح على أن الجنين الذي قضى فيه رسول الله -عليه السلام- بغرة عبد أو أمة، كانت أمه قد ألقته ميتًا، وأجمع الفقهاء أن الجنين إذا خرج حيًا ثم مات كانت فيه الدية والكفارة.
واختلفوا في الكفارة إذا خرج ميتًا، فقال مالك: فيه الغرة والكفارة، وقال أبو حنيفة والشافعي: فيه الغرة ولا كفارة. وهو قول داود بن علي.
وإذا ألقت جنينين، قال أصحابنا: إن كانا ميتين ففي كل منهما غرة، وإن كانا