للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة وأصحابه: الغرة للأم ليس لأحد معها فيها شيء وليست ديةً، وبه قال داود وأهل الظاهر.

وقال ابن حزم: اختلف الناس فيمن تجب له الغرة الواجبة في الجنين، فعن الزهري: أنه سئل في رجل ضرب امرأته فأسقطت، لمن دية السقط؟ قال: بلغنا في السنة أن القاتل لا يرث من الدية شيئًا، فديته على فرائض الله ليس للذي قتله من ذلك شيء.

وهو قول عبد العزيز بن أبي سلمة وأبي حنيفة ومالك والشافعي.

وقال الكاساني في "بدائعه": الغرة ميراث بين ورثة الجنين على فرائض الله عند عامة العلماء.

وقال مالك: إنها لا تورث وهي للأم خاصةً.

قلت: هذا هو مذهب أبي حنيفة، والذي نقله أبو عمر عن أبي حنيفة ليس مذهبه. والله أعلم.

الثاني: أن في الحديث ما يدل على أن الغرة تجب على العاقلة، وهو مذهب الشافعي أيضًا. وقال مالك وأصحابه والحسن بن حي: هي في مال الجاني.

والحديث حجة عليهم.

الثالث: فيه حجة لأبي حنيفة ومن معه لما ذهبوا إليه من أن القاتل بالعصا لا يجب عليه القصاص، ألا ترى أن إحدى المرأتين قتلت الأخرى بعمود الفسطاط ولم يقض رسول الله -عليه السلام- عليها بالقصاص، بل قضى بديتها على عاقلة القاتلة.

الرابع: فيه أن الدية في شبه العمد على العاقلة، أما وجوب الدية فلامتناع القصاص للشبهة فتجب الدية، وأما الوجوب على العاقلة فلأن العاقلة إنما تعقل الخطأ تخفيفًا على القاتل؛ نظرًا له لوقوعه فيه لا عن قصد، وكذلك في شبه العمد، شبه عدم القصد لحصوله بآلة لا يقصد بها القتل عادةً كان مستحقًا لهذا النوع من التخفيف. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>