واعترض البيهقي هاهنا على الطحاوي -رحمه الله- وقال (١): هذا الذي ذكره الطحاوي ساقط من أوجه:
أحدها: أنه ليس في الحديث الذي رواه في هذا الباب أن عليًّا - رضي الله عنه - أشار بذلك؛ فإدخاله في جملة من أشار به على عثمان دون رواية موصولة محال.
والثاني: أن في الحديث الذي رواه: أنه قتل أيضًا ابنة لأبي لؤلؤة صغيرة كانت تدعي الإِسلام، وإذا وجب القتل بواحد من قتلاه صحَّ أن يشيروا عليه بالقصاص.
والثالث: أن الهرمزان وإن أقرَّ بالإِسلام حال مسِّه السيف في الخبر الذي رواه الطحاوي؛ فكان قد أسلم قبل ذلك، وهو معروف مشهور فيما بين أهل المغازي، وإنما قال: لا إله إلا الله حين مسَّه السيف تعجبًا أو تبعيدًا لما اتهمه به عبيد الله بن عمر - رضي الله عنه -، ومن الدليل على إسلامه قبل ذلك: ما أنا أبو الحسين ابن بشران، أبنا أبو الحسن المصري، نا مالك بن يحيى، نا علي بن عاصم، عن داود بن أبي هند، عن عامر، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -. . . . فذكر قصة قدوم الهرمزان على أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - وما جرى في أمانه، فقال عمر: أخرجوا هذا عني فسيروه في البحر، قال الهرمزان: فسمعت عمر - رضي الله عنه - تكلم بكلام بعدي، فقلت للذي سمعه أيْش قال؟ قال: قال: اللهم اكسر به، قال: فلما حمل في السفينة، فسارت السفينة غير بعيد، ففتح ألواح السفينة، فقال الهرمزان: فوقعت في البحر، فذكرت قوله أنه لم يقل: اللهم غرِّقه، فرجوت أن أنجو، فسبحت فنجوت، فأسلم".
فهذأ أنس بن مالك قد أخبر بإسلامه قبل ذلك بزمان.
وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، ثنا أبو العباس الأصم، أبنا الربيع، أنا الشافعي، أبنا الثقفي، عن حميد، عن أنس بن مالك قال: "حصرنا تستر، فنزل
(١) معرفة السنن والآثار (٦/ ٢٧٠) ووقع خطأ في ترتيب الكتاب في النسخة المطبوعة، وجاء باقي الكلام من أول قوله: الثالث في (٦/ ١٤٧).