للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "فكتب عمر أن يودى" أي تؤخذ الدية من القاتل، من وَدَى يَدِي دَيَة.

قوله: "إلى عماله" بضم العين وتشديد الميم: جمع عامل، وهو المتولي على موضع.

قوله: "على المتابعة منهم" أي من الصحابة له، أي لعمر.

"على ذلك" أي على قوله أن يقتل ذلك المسلم لأجل ذلك العبادي النصراني؛ وإنما قال ذلك تنبيهًا على أن عدم إنكار الصحابة لعمر في هذه القضية لم يكن إلا لأجل المتابعة منهم له فيما ذهب إليه من قتل المسلم بالذمي، ولم يكن سكوتهم لعلة غير ذلك؛ لأنه لا يُظَن في حقهم السكوت عن الحق ولا مراعاة أحد فيه.

قوله: "وكتابه بعد هذا ألَّا يقتل" جواب عن سؤال مقدر، تقريره أن يقال: استدلالكم بهذا الأثر لا يتم؛ لأن عمر - رضي الله عنه - قد رجع عما أمر به من قتل ذلك المسلم بذلك العَبَادي، ورجوعه عن ذلك يدل على أنه قد ظهر عنده ما يمنعه من جواز ذلك.

وتقرير الجواب أن يقال: إن كتابه بترك قتله بعد كتابه بقتله، لاحتمال أن يكون قد ثبت عنده بعد كتابه بالقتل ما أوقفه على أن ذلك القتل كان فيه شبهة يدفع بها القود، فجعل ذلك كقتل العمد الذي فيه شبهة، فأوجب فيه الدية، هذا الذي ذكره الطحاوي.

وأما الذي ذكره الجصاص: أن كتابه بترك القتل لم يكن لظهور ما ينفي القتل عنده، وإنما كان لأجل ما بلغه أن القاتل كان من فرسان المسلمين، فكتب أن يسأل الصلح عن أخي المقتول، ثم يودى بعد وقوع الصلح. وعك كل حال قد وُجِدَ قتل مسلم بسبب ذمي في زمن الصحابة - رضي الله عنهم -.

ص: وقد قال أهل المدينة: إن المسلم إذا قَتَل الذمي فتلَ غَيْلَةٍ على ماله، أنه يقتل به، فهذا كان هذا عندهم خارجًا من قول النبي -عليه السلام-: "لا يُقتل مسلم بكافر" فما تنكرون على مخالفيكم أن يكون كذلك الذمي المعاهد خارجًا من قول النبي -عليه السلام-: "لا يُقتل مسلم بكافر"، والنبي -عليه السلام- فلم يشترط من الكفار أحدًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>