للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدم الأكبر وبابه من: كَبِرَ يَكْبَرُ كَعَلِمَ يَعْلَمُ: إذا أسن، ومصدره: كِبَر بكسر الكاف وفتح الباء، وكذا مكبِر بكسر الباء، وأما: كَبرَ يَكْبُرُ كحسُنَ يحسْنُ، فمعناه: عظُمَ، وكِبْرُ الشيء بكسر الكاف وسكون الباء: معظمه، قال الله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} (١)، والكِبْر: التجبر أيضًا، وأما الكُبر بضم الكاف وسكون الباء كما هو لفظ الحديث فهو يعني الأكبر كما في حديث آخر "الولاء للكبْر" (٢) وهو أن يموت الرجل ويترك ابنًا وابن ابن، فالولاء للابن دون ابن الابن، وإنما كرر لفظ: "الكُبْرَ" في الحديث لأجل التأكيد، وانتصابه على المفعولية، أي: قدموا الأكبر، ويجوز الرفع بمعنى ليبدأ الأكبر أو ليتقدم؛ فافهم.

قوله: "تكلم الكبير منهما" كان الكبير من الأخوين هو حويصة.

قوله: "أفتبرئكم" الهمزة فيه للاستفهام، وهو من الإبراء.

قوله: "فوداه رسول الله -عليه السلام-" أي أدى ديته من عنده، وفي رواية أخرى: "فوداه من إبل الصدقة".

فإن قلت: إبل الصدقة للفقراء والمساكين ولا تؤدى في الديات.

قلت: كأن رسول الله -عليه السلام- رأى تطييب قلوب الفريقين، ووداه من عنده واستلفها من إبل الصدقة حتى يؤديها مما أفاء الله عليه من خُمس المغنم، لأنه -عليه السلام- لم يكن يجتمع عنده من سهمه ما يبلغ مائة إبل لإعطائه إياها، ومن روى: "من إبل الصدقة" أخبر عن ظاهر الأمر، ومن روى: "من عنده" أخبر عن باطن القصة.


(١) سورة النور، آية: [١١].
(٢) رواه الدارمي في "سننه" (٢/ ٤٧٠ رقم ٣٠٢٢) من طريق الشعبي عن عمر وعلي وزيد -قال: وأحسبه قد ذكر عبد الله أيضًا، ورواه البيهقي في "سننه" أيضًا من طريق الشعبي به (١٠/ ٣٠٣ رقم ٢١٢٨٣) ومن طريق إبراهيم عن عمر وعبد الله وزيد - رضي الله عنهم - (١٠/ ٣٠٣ رقم ٢١٢٨٤) وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>