للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "من جَهْد" بالفتح: الشدة وضيق العيش، وبضم الجيم: الوسع والطاقة، وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة، وأما في الشدة والفاقة فبالفتح لا غير، وهاهنا بالفتح لا غير.

قوله: "في فَقِير" بفتح الفاء وكسر القاف، قال الحافظ المنذري: الفقير: البيت، وقيل: هي البئر قليلة الماء، والفقير أيضًا: فم القناة، وفقير النخلة: حفرة تحفر للفسيلة إذا خُوَّلت لتغرس فيها.

قوله: "إما أن يَدُوا" من وَدَى يَدِي إذا أدى الدية.

قوله: "وإما أن يؤذنوا بحرب" قال الخطابي: أنكر بعض الناس قوله: "وإما أن يؤذنوا بحرب" وقال: إن الأمة اجتمعت على خلاف هذا القول، فدل أن خبر القسامة غير معمول به، ووجه الكلام بيَّن وتأويله صحيح، وذلك أنهم إذا امتنعوا عن القسامة لزمتهم الدية، فإن أبوا أن يؤدوها إلى أولياء الدم أوذنوا بالحرب، لا يؤذنون بها إلا إذا امتنعوا من أداء الدية.

قلت: احتج أصحابنا بقوله: "إما أن تدوا صاحبكم وإما أن تؤذنوا بحرب" وقالوا: ومعلوم أن النبي -عليه السلام- لم يقل ذلك لهم إلا وقد تحقق عنده قبل ذلك وجود القتيل بخيبر، فدل ذلك على وجوب الدية على اليهود لوجود القتيل بينهم، ولأنه لا يجوز أن يؤذنوا بحرب إلا بمنعهم حقًّا واجبًا عليهم.

قوله: "وتستحقون دم صاحبكم" قال أبو عمر: الظاهر أنه أراد به القود.

قلت: معناه وتستحقون دية صاحبكم؛ لأن من استحق دية صاحبه فقد استحق دمه؛ لأن الدية قد تؤخذ في العمد، فيكون ذلك استحقاقًا للدم والله أعلم.

ويستفاد منه أحكام:

الأول: مشروعية القسامة في الدم، وهو أمر كان في الجاهلية، فأقره رسول الله -عليه السلام- في الإِسلام، وتوقفت طائفة عن الحكم بالقسامة، وروي ذلك عن سالم بن عبد الله ابن عمر وأبي قلابة وعمر بن عبد العزيز والحكم بن عتيبة. وإليه مال البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>