الثاني: فيه بيان أن القوم إذا اشتركوا في معنى من معاني الدعوى وغيرها، كان أولاهم بأن يبدأ بالكلام أكبرهم، فإذا سُمع منه، تكلم أصغرهم أيضًا فسمع منه أيضًا إن احتيج إلى ذلك، وهذا أدب وعلم. فإن كان في الشركاء من له بيان ولتقدمته في القول وجه لم يكن بتقدمته بأس إن شاء الله.
وذكر سفيان بن عيينة قال: قدم وفد من العراق على عمر بن عبد العزيز فنظر عمر إلى شاب منهم يريد الكلام ويهش إليه، فقال عمر -رحمه الله-: كبروا كبروا -يقول: قدموا الكبار- فقال الفتى: يا أمير المؤمنين إن الأمر ليس بالسن، ولو كان الأمر كذلك لكان في المسلمين مَن هو أسن منك، قال: صدقت، فتكلم رحمك الله، قال: إنا وفد شكر. . . . وذكر الخبر.
الثالث: فيه جواز الوكالة في المطالبة بالحدود.
الرابع: فيه جواز وكالة الحاضر، وذلك أن ولي الدم إنما هو عبد الرحمن بن سهل أخو القتيل، وحويصة ومحيصة ابنا عمه.
الخامس: فيه كيفية القسامة الواقعة. وفيه خلاف يأتي في الباب الآتي مفصلًا إن شاء الله.
السادس: فيه: أن القتيل إذا وجد في المحلة فالقسامة والدية على أهلها، وكذا إذا وجد في مسجد المحلة أو في طريق المحلة، فيحلف منهم خمسون، فإن لم يكمل العدد خمسين رجلًا منهم تكرر عليهم الأيمان حتى تكمل خمسين يمينًا، وإن كان في المحلة قبائل شتى، فإن كان فيها أهل الخطة والمشترون، فالقسامة والدية على أهل الخطة ما بقي منهم واحد في قول أبي حنيفة ومحمد.
وقال أبو يوسف: وعلى المشترين جميعًا. وقيل: إن أبا حنيفة بني الجواب على ما شاهده بالكوفة، وكان تدبير أهل المحلة فيها إلى أهل الخطة، وأبو يوسف رأى التدبير إلى الأشراف من أهل المحلة، كانوا من أهل الخطة أم