للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سفينة في البحر، فحفرت الصلاة فَفَنِيَ ماؤهم، ومعهم نبيذ التمر، فتوضأ بعضهم بماء البحر وكره الوضوء بنبيذ التمر، وتوضأ بعضهم بنبيذ التمر وكره الوضوء بماء البحر" وهذا حكايته لا إجماع، فإن من كان يتوضأ بماء البحر كان يعتقد [جواز] (١) التوضؤ بماء البحر، فلم يتوضأ بالنبيذ لكونه واجدا للماء المطلق، ومن كان يتوضأ بالنبيذ كان لا يرى ماء البحر طهورا وكان يقول هو سخطة ونقمة، كأنه لم يبلغه قوله - عليه السلام - في صفة البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميته" فيتوضأ بنبيذ التمر لكونه عادِما للماء الطاهر.

وبه تبين أن الحديث ورد مورد الشهرة والاستفاضة، حتى عمل به الصحابة وتلقوه بالقبول، فصار مُوجبا علمًا استدلاليا، كخبر المعراج، والقدر خيره وشره من الله تعالى، وأخبار الرؤية والشفاعة، وغير ذلك مما كان الراوي في الأصل واحدا ثم اشتهر وتلقته العلماء بالقبول، ومثله مما ينسخ به الكتاب، انتهى.

قلت: قد عملت الصحابة بهذا الحديث على ما في "سنن الدارقطني" (٢): عن عبد الله بن [محرر] (٣)، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "النبيذ وضوء من لم يجد الماء".

وأخرج أيضا (٤): عن الحارث، عن علي - رضي الله عنه -: "أنه كان لا يرى بأسا بالوضوء بالنبيذ".

وروى أيضا في "سننه" (٥): من حديث مجاعة، عن أبان، عن عكرمة، عن


(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "بدائع الصنائع".
(٢) "سنن الدارقطني" (١/ ٧٦ رقم ٨) وقال: ابن محرر متروك الحديث.
(٣) في "الأصل، ك" محرز، بزاي في آخره، وهو تصحيف، والصواب محرر، آخره راء، كما في "سنن الدارقطني"، ومصادر ترجمته.
(٤) "سنن الدارقطني" (١/ ٧٨ رقم ٢٠) وقال: تفرد به حجاج بن أرطاة، لا يحتج بحديثه.
(٥) "سنن الدارقطني" (١/ ٧٦ رقم ٩) وقال: أبان هو ابن أبي عياش، متروك الحديث، ومجاعة ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>