موضع لا يجب له ربطها فيه، أو يعنف عليها في السياق فيضمن بجناية نفسه، قال: وذكر عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن الشعبي "أن شاةً وقعت في غزل حائك، واختصموا إلى شريح، فقال الشعبي: انظروه فإنه سيسألهم: أليلًا وقعت فيه أو نهارًا؟ ففعل. ثم قال: إن كان بالليل ضمن، وإن كان بالنهار لم يضمن، ثم قرأ شريح:{إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}(١) قال: والنفش بالليل، والهمل بالنهار.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لا ضمان على أرباب المواشي فيما أصابته مواشيم في الليل والنهار إذا كانت منفلتة.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: سفيان الثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وبعض الظاهرية؛ فإنهم قالوا: لا ضمان على أصحاب البهائم فيما أفسدت من الزرع وغيره، سواء كان ليلًا أو نهارًا إذا كانت منفلتة.
وقال ابن حزم: والقول عندنا في هذا كله ما حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ ثبت عنه من أن العجماء جرحها جبار، وعملها جبار، فلا ضمان فيما أفسده الحيوان من أدم أو مال لا ليلًا ولا نهارًا، فإن أتى بها وحملها على شيء وأطلقها فيه ضمن حينئذٍ؛ لأنه فعله، ليلًا كان أو نهارًا.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا فهد، قال: ثنا الخضر بن محمَّد الحراني، قال: ثنا عباد بن عباد، قال: ثنا مجالد، عن الشعبي؛ عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "السائمة عقلها جبار والمعدن جبار".
ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث جابر، أخرجه عن فهد بن سليمان، عن الخضر بن محمَّد بن شجاع الجزري أبي مروان الحراني، وثقه أحمد وابن حبان، وقال أبو حاتم: ليس به بأس.
عن عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب بن أبي صُفْرة العتكي البصري، روى له الجماعة.