قوله:"فصارت". أي العجماء "كما لو هدمت حائطًا لرجل أو قتلت رجلًا" فإن صاحبها لم يضمن شيئًا.
قوله:"وهو أولى ما حُملت عليه" أي الذي ذهب إليه أبو حنيفة وصاحباه أولى ما حملت عليه "الآثار" أي الأحاديث المذكورة، وهي حديث حرام بن محيصة وحديث أبي هريرة وجابر - رضي الله عنهم -.
فإن قيل: قال أبو عمر: جعلت الحنفية حديث: "جرح العجماء جبار" معارضًا لحديث البراء، وليس كما زعموا وذهبوا إليه؛ لأن التعارض في الآثار إنما يصح إذا لم يمكن استعمال أحدهما إلا بنفي الآخر، وحديث:"العجماء جبار" عام قد خُص بحديث البراء، وهذا من باب العموم والخصوص والمجمل والمفسر.
وقال البيهقي في "الخلافيات" ما ملخصه: أن الحنفية قالوا: حديث البراء منسوخ بحديث: "العجماء جبار".
والجواب فيما ذكره الشافعي، وهو فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس، ثنا الربيع قال: قال الشافعي: فأخذنا به -يعني بحديث البراء بن عازب- لثبوته واتصاله ومعرفة رجاله، ولا يخالفنا هذا الحديث -يعني حديث:"العجماء جبار"- وجملة من الكلام العام المخرج الذي يُراد به الخاص، وقضاء رسول الله -عليه السلام- فيما أفسدت العجماء بشيء في حال دون حال دليل على ما إذا أصابت العجماء من جرح وغيره في حال جبار، وفي حال غير جبار.
وفي هذا دليل على أنه إذا كان على أهل العجماء حفظها ضمنوا ما أصابت، وإذا لم يكن عليهم حفظها لم يضمنوا شيئًا مما أصابت، فيضمن أهل الماشية بالليل إذا أصابت من زرع، ولا يضمنونه بالنهار.