للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من أصحاب رسول الله -عليه السلام- قال: "بينما نحن عند عمر - رضي الله عنه - مقدمه الشام بالجابية، أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن امرأتي زنت بغلام، فهي هذه تعترف بذلك، فأرسلني عمر - رضي الله عنه - في رهط إليها لنسألها عن ذلك، فجئتها فإذا هي جارية حديثة السن، فقلت: اللهم أفرج فاها اليوم عما شئت، فسألتها وأخبرتها بالذي قال زوجها، فقالت: صدق، فبلغنا عمر - رضي الله عنه -، فأمر برجمها".

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا، حدثه عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، عن أبي واقد الليثي "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أتاه رجل وهو بالشام، فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلًا، فبعث عمر بن الخطاب أبا واقد الليثي إلى امرأته ليسألها عن ذلك، فأتاها وعندها نسوة حولها، فذكر لها الذي قال زوجها لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله، وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنزع، ذهبت أن تنتزع وثبتت على الاعتراف، فأمر بها عمر - رضي الله عنه - فرجمت".

فهذا عمر - رضي الله عنه - بحضرة أصحاب رسول الله -عليه السلام- لم يجلدها قبل رجمه إياها، فهذا خلاف لما فعل علي - رضي الله عنه - بشراحة، مِن جلده إياها قبل رجمها، وهو أولى الفعلين عندنا لما قد ذكرنا في هذا الباب. والله أعلم.

ش: هذا جواب عن السؤال المذكور، بيانه أن يقال: إن فعل علي - رضي الله عنه - معارض بفعل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -؛ وذلك أنه أمر برجم امرأة اعترفت بالزنا ولم يجلدها، وكان ذلك بحضرة الصحابة فلم ينكر عليه أحد منهم، فصار فعل عمر أولى الفعلين لما قد ذكر في هذا الباب من دلالة أحاديث أبي هريرة وزيد بن خالد، وجابر بن سمرة، على عدم الجمع بين الجلد والرجم، وأنها ناسخة لحديث عبادة بن الصامت مع شهادة القياس الصحيح على عدم الجمع بينهما، على ما مر مستوفى.

ويمكن أن يجاب بوجه آخر: وهو أنه يحتمل أن يكون علي - رضي الله عنه - لم يعلم يإحصان شراحة فجلدها، ثم لما علم أنها محصنة أمر برجمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>