فهذا حديث صحيح، وفيه أنه -عليه السلام- لم يكتف بإقراره أربع مرات، ولا بتقريره أربع مرات حتى أقر في الخامسة، ثم لم يكتف بذلك حتى سأله السادسة: هل تعرف ما الزنا؟ ولم يكتف بذلك حتى سأله السابعة: ما تريد بهذا القول؟ فهذا يدل على أن ترديده -عليه السلام- لم يكن إلا لتهمته إياه في عقله، ولو جعل العدد شرطًا كان ينبغي أن يشترط أكثر من أربع؛ على ما في الحديث.
قلت: لم يكن ما فوق الأربع في هذا الحديث من الإقرار بالزنا، وإنما كان في الخامسة سؤالا وجوابًا عن صحة وقوع الزنا، وفي السادسة كان سؤالا وجوابًا عن ماهية الزنا، والسابع: كان سؤالا وجوابًا عما يخرج به من هذه الورطة وليس ذلك داخلا في الآثار المعتبرة والأقارير المشروطة هي التي حصلت بقوله: "فشهد على نفسه أربع مرات" فافهم.
ص: حدثنا أحمد بن الحسن، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا الحجاج بن أرطاة، عن عبد الملك بن المغيرة الطائفي، عن عبد الله بن المقدام، عن ابن شداد، عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال:"كنا مع رسول الله -عليه السلام- في سفر فأتاه رجل فأقر بالزنا، فردده أربعًا، ثم نزل فأمرنا فحفرنا حفرة ليست بالطويلة، فأمر به فرجم، فارتحل رسول الله -عليه السلام- كئيبًا حزينًا، فسرنا حتى نزلنا منزلا فقال لي رسول الله -عليه السلام-: يا أبا ذر ألم تر إلى صاحبكم قد غُفر له وأدخل الجنة".
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: ثنا إبراهيم بن الزبرقان وأبو خالد الأحمر، عن الحجاج. . . . فذكر بإسناده مثله.
ش: هذان طريقان:
الأول: عن أحمد بن الحسن، عن يزيد بن هارون الواسطي، عن الحجاج بن أرطاة النخعي فيه مقال، عن عبد الملك بن المغيرة الطائفي وثقه ابن حبان، وروى له الترمذي، عن عبد الله بن المقدام بن الورد الطائفي، عن ابن شداد وهو نسعة -بكسر النون وسكون السين وفتح العين المهملتين- ابن شداد، عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - جندب بن جنادة.