ففي هذا الحديث أنه أقر مرتين، ثم ذهبوا به، ثم ردوه فأقر مرتين، فيجوز أن يكون جابر بن سمرة حضر المرتين الأخريين ولم يحضر ما كان قبل ذلك، وحضر ابن عباس الإقرار كله، وكذلك من وافقه على أنه كان أربعًا.
ش: تقرير السؤال أن يقال: إنكم شرطتم في وجوب الحد على المعترف بالزنا أربع مرات، ولم توجبوا الحد إذا أقر مرة أو مرتين أو ثلاثًا، فقد جاء في حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه - أنه حده بعد إقراره مرتين أو ثلاثًا.
وتقرير الجواب أن يقال: يحتمل أن يكون جابر بن سمرة قد حضر في قصة ماعز عند إقراره المرتين الأخريين ولم يحضر عند إقراره المرتين الأوليين، فحكى بحسب ما شاهد من ذلك، والدليل عليه حديث ابن عباس فإنه قال:"أتى ماعز رسول الله -عليه السلام- فاعترف مرتين، فقال لهم النبي -عليه السلام-: اذهبوا به لعله أن ينزع، عن ذلك ثم ردوه، فاعترف مرتين أخريين حتى كمل اعترافه أربعًا، ثم أمرهم رسول الله -عليه السلام- أن يذهبوا به ويرجموه، فصار أقاريره الأربع في مجلسين، في كل مجلس إقراران، فيحتمل أن يكون بين المجلسين يوم أو أقل منه أو أكثر، ويكون جابر بن سمرة قد حضر المجلس الأخير فعاين منه إقرارين فحكى على ذلك، وحضر ابن عباس المجلسين جميعًا فحكى أقاريره الأربعة، وكذلك كل مَن روى أربعًا عن ابن عباس على هذا فافهم.
وهذا المعنى هو المراد من قوله: "في هذا الحديث علة"، أي معنى قد بينه، والله أعلم.
وإسناد حديث ابن عباس صحيح، ورجاله ثقات قد تكرر ذكرهم.
ص: حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن عبد الرحمن بن هضاض، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أن ماعز بن مالك زنى، فأتى هزالًا فأقر له أنه زنى، فقال له هزال: ائت رسول الله -عليه السلام-