الرابعة: احتج أحمد وإسحاق بما في رواية مسلم من قوله: "اذهبي فأرضعيه حتى تفطمي" أن الحبلى لا تحد حتى تضع ما في بطنها، ثم تترك حولين حتى تفطم.
وقال أصحابنا ومالك والشافعي: تحد حين تضع حملها ولا تؤخر بعد ذلك.
فكأنهم ذهبوا إلى ما روى عمران بن حصين الذي رواه مسلم والأربعة:"أن امرأة من جهينة أتت إلى النبي -عليه السلام- فقالت: إنها قد زنت، وهي حبلى فدعا رسول الله -عليه السلام- وليها؛ فقال له رسول الله -عليه السلام-: "أحسن إليها، فإذا وضعت فجئ بها" فلما وضعت جاءه بها، فأمر بها النبي -عليه السلام- فشكت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم أمرهم فصلوا عليها".
فإن قيل: تعارض حديثا عمران وبريدة ظاهرا.
قلت: قد أجاب بعضهم عن هذا أن حديث عمران أجود من حديث بريدة؛ لأن في حديث بريدة بشير بن المهاجر، وقد قيل فيه ما قيل.
قلت: هذا ليس سديدا؛ لأن كلا من الحديثين أخرجه مسلم، متساويان في الصحة، والأحسن في الجواب أن يقال: أن يكونا امرأتين؛ إحداهما وجد لوليها كفيل وقتلها، والأخرى لم يوجد لها كفيل ولم تقتل فوجب إمهالها حتى يستغني عنها ولدها لئلا يهلك بهلاكها، ويكون الحديث محمولا على حالتين، ويرتفع الخلاف.