ش: أراد بالقوم هؤلاء: الشافعي وأحمد وإسحاق وأهل الظاهر، فإنهم قالوا: حد السكران أربعون سوطًا.
وقال ابن حزم: وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن بن علي وعبد الله ابن جعفر - رضي الله عنهم -، وبه يقول الشافعي وأبو سليمان وأصحابنا، وبه نأخذ.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فادعوا فساد هذا الحديث، وأنكروا أن يكون علي - رضي الله عنه - قال من ذلك شيئًا؛ لأنه قد روي عنه ما يخالف ذلك ويدفعه، وهو ما حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، عن مطرف، عن عُمير بن سعيد النخعي، قال: قال علي - رضي الله عنه -: "مَنْ شرب الخمر فجلدناه فمات وَدَيْنَاه؛ لأنه شيء صنعناه".
حدثنا فهد قال: ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال: أنا شريك، عن أبي حُصين، عن عُمير بن سعيد، عن علي - رضي الله عنه - قال:"ما حدَدْتُ أحدًا فمات فيه فوجدت في نفسي شيئًا إلا الخمر، فإن رسول الله -عليه السلام- لم يَسُن فيه شيئًا".
فهذا علي - رضي الله عنه - يُخبر أن رسول الله -عليه السلام- لم يكن يسن في شرب الخمر حدًّا.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم الطائفة الذين قالوا: لم يكن يستوفي حد شارب الخمر في زمن النبي -عليه السلام- شيء. يقول علي - رضي الله عنه - في حديث عمير بن سعيد الذي رواه البخاري وغيره: وذلك أن رسول الله -عليه السلام- لم يسنه. وذهب الحسن البصري والشعبي وأبو حنيفة ومالكٌ وأبو يوسف ومحمد وأحمد في رواية, على أن حدَّ السكران ثمانون سوطًا على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهم -.
قوله:"فادعوا" أي ادعى هؤلاء الآخرون فسادَ حديث عبد الله الداناج الذي احتجت به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه، بيان ذلك أنهم قالوا: لا نسلم صدور هذا القول من علي - رضي الله عنه -، فإن عندنا دلائل تدل على أن عليًّا لم يقل