للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه أبو داود (١) وابن ماجه أيضًا (٢).

فهذا علي - رضي الله عنه - أخبر أن النبي -عليه السلام- لم يسن في الخمر شيئًا من الحد المقدر، ولذلك قال: "وَدَيْنَاه" وإنما قال ذلك احتياطًا حيث وضع شيئًا لم يسنه رسول الله -عليه السلام-، ومعناه أدينا ديته من وَدَى يَدِي ديةً، أصلها ودية على ما عرف.

ويستفاد من هذين الحديثين أحكام:

الأول: أن مَن مات فيه من الضرب لأجل السكر تجب الدية على قاتله؛ لقول علي - رضي الله عنه -: "وديناه"، وإليه ذهب الشافعي وقال: وجوب الدية لأجل الإحداث على الأربعين على وجه التعزيز.

قلت: لم يفهم من هذا أن الأربعين كان الحد حتى تجب الدية في الإحداث عليها، بل الحديث يدل على أن حد الخمر لم يكن مؤقتا في زمن النبي -عليه السلام-.

فإن قيل: روي عن أبي سعيد، عن النبي -عليه السلام-: "أنه ضرب في الخمر أربعين".

قلت: فسّر هذا ما رواه أنس - رضي الله عنه -: "أنه -عليه السلام- أتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين".

أخرجه البخاري (٣) ومسلم (٤).

فهذا يبيِّن أنه كان ثمانين، على أن الطبري ادعى أن حد الخمر ثمانون، وأَوَّلَ ضربه -عليه السلام- أربعين بإن المضروب كان عبدًا، أو أنه ضربه كذلك بسوطين، فإذا كان كذلك يكون الثمانون هو جميع الحد، فلا يجب حينئذٍ شيء على أحد إذا مات المحدود من الضرب، وعن هذا قال أصحابنا أن مَن مات مِن ضرب حدٍّ وجب عليه، أنه لا دية فيه على الإِمام ولا على بيت المال، ولكن اختلفوا فيمن مات


(١) "سنن أبي داود" (٤/ ١٦٥ رقم ٤٤٨٦).
(٢) "سنن ابن ماجه" (٢/ ٨٥٨ رقم ٢٥٦٩).
(٣) "صحيح البخاري" (٦/ ٢٤٨٨ رقم ٦٣٩٧).
(٤) "صحيح مسلم" (٣/ ١٣٣٠ رقم ١٧٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>