من التعزير، فقال الشافعي: عقله على عاقلة الإِمام وعليه الكفارة، وقيل على بيت المال، وجمهور العلماء أنه لا شيء عليه، وقال المنذري: وإذا ضرب الإِمام شارب الخمر أربعين فمات لا يضمنه، ومَن جلده ثمانين ومات ضمن نصف الدية، وإن جلده واحدًا وأربعين ضمن نصف الدية، وقيل: يضمن جزءًا من أحد وأربعين جزءًا من الدية.
قلت: هذا على ما ذهبوا إليه من أن حد السكر كان مقدرًا بأربعين في زمن النبي -عليه السلام- وأما على ما ذهب إليه أهل المقالة الثانية فلا يتمشى ذلك؛ لأنهم قالوا: إن حد السكر لم يكن موقتا في زمنه -عليه السلام-، وإنما ثبت ذلك واستقر على الثمانين في زمن الصحابة، فصار حدًّا من حدود الله، فلا يجب شيء على أحد إذا مات المحدود.
وأما قول علي - رضي الله عنه -: "وديناه" فقد ذكرنا أنه قال ذلك احتياطًا حيث وضع شيئًا لم يسنَّه -عليه السلام-.
الثاني: فيه أن وجوب الحد يتعلق بنفس الشرب في الخمر ولا يشترط فيه السكر بخلاف غير الخمر فإنه لا يُحد فيه إلا بالسكر.
الثالث: أن حد السكر لم يكن موقتًا في زمن النبي -عليه السلام- على ما ذكرناه.
ص: ثم الرواية عن علي - رضي الله عنه - في حد شارب الخمر فعلى خلاف ما في الحديث الأول أيضًا من اختياره للأربعين على الثمانين:
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا سفيان، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه قال:"أتي علي - رضي الله عنه - بالنجاشي قد شرب الخمر في رمضان فضربه ثمانين، ثم أمر به إلى السجن، ثم أخرجه من الغد وضربه عشرين، ثم قال: إنما جلدتك هذه العشرين لإفطارك في رمضان وجرأتك على الله".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، ثنا سفيان، عن أبي مصعب، عن أبيه "أن رجلًا شرب الخمر في رمضان ثم ذكر نحوه".