قوله:"وهذا أيضًا فاسد" أي وهذا الحديث أيضًا فاسد لم يثبت عن علي - رضي الله عنه -، وبيّن وجه فساده بقوله:"لما قد روينا عنه"، أي عن علي "متقدمًا من قوله. . . ." إلى آخره، والباقي ظاهر.
ص: وقد جاءت الآثار متواترة أن رسول الله -عليه السلام- لم يكن يقص في حد الشارب إلى عدد من الضرب معلوم، حتى لقد بيَّن في بعض ما روي عنه في ذلك مثل ما رويناه عن علي - رضي الله عنه - أن رسول الله -عليه السلام- مات ولم يَسُن فيه حدًّا، فمما روي في ذلك:
ما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أنا أسامة بن زيد الليثي، عن ابن شهاب حدثه، عن عبد الرحمن بن أزهر قال:"كأني أنظر إلى رسول الله -عليه السلام- وهو في الرحال يلتمس رحل خالد بن الوليد - رضي الله عنه - يوم حنين، فبينما هو كذلك أتي برجل قد شرب الخمر، فقال للناس: اضربوه، فمنهم من ضربه بالنعال ومنهم مَن ضربه بالعصي ومنهم من ضربه الميتَخَة -يريد الجريدة الرطبة- ثم أخذ رسول الله -عليه السلام- ترابًا من الأرض فرمى به في وجهه".
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا أسامة بن زيد، قال: حدثني ابن شهاب، قال: حدثني عبد الرحمن بن أزهر الزهري قال: "رأيت رسول الله -عليه السلام- يوم حُنين يتخلل الناس، يسأل عن منزل خالد بن الوليد - رضي الله عنه -، فأتي بسكران، فأمر مَن كان عنده فضربوه بما كان في أيديهم، ثم حثى عليه التراب، ثم أتي أبو بكر - رضي الله عنه - بسكران، فتوخى الذي قد كان من ضربهم عند رسول الله -عليه السلام-، فضربه أربعين، ثم أتي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بسكران، فضربه أربعين".
أفلا ترى أن أبا بكر - رضي الله عنه - إنما كان ضرب بعد النبي -عليه السلام- أربعين على التحري منه لضرب النبي -عليه السلام- الذي كان؛ لأن النبي -عليه السلام- لم يكن أوقفهم في ذلك على شيء بعينه.