للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: فثبت بما ذكرنا: أن التوقيف في حد الخمر على جلد معلوم إنما كان زمن عمر - رضي الله عنه -، وأن ما وقفوا عليه من ذلك كان ثمانين، ولم يخالفهم في ذلك أحد منهم، فلا ينبغي لأحد منهم أن يدع ذلك ويقول بخلافه؛ لأن إجماع أصحاب رسول الله -عليه السلام- حجة إذ كانوا برآء من الوهم والزلل، وهو كنقلهم الحديث البريء من الوهم والزلل، فلما كان فعلهم الذي نقلوه جميعًا حجة ولا يجوز لأحد خلافه، فكذلك رأيهم الذي رأوه حجة لا يجوز لأحد خلافه.

ش: أي فثبت بما ذكرنا من الأحاديث: أن التوقيف في حد الخمر على عدد معين لم يكن في زمن النبي -عليه السلام-، وإنما كان في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.

ومن الدليل القاطع على صحة هذا: ما رواه أبو داود (١) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أن رسول الله -عليه السلام- لم يَقِتْ في الخمر حدًّا".

قوله: "لم يَقِتْ" أي لم يوقت، يقال: وقت يَقِت، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (٢) قاله الخطابي، وقال غيره: لم يَقِتْ رسول الله -عليه السلام- أي: لم يقدره ولم يحدده بعدد مخصوص، والتوقيت والتأقيت: أن يجعل للشيء وقت يختص به، وهو بيان مقدار المدة، يقال: وَقَّتَ الشيء يُوقِّته وَوَقَتَه يَقِتُه إذا بيَّن حده، ثم اتُّسع فيه فأطلق على المكان، فقيل للموضع: ميقات.

قوله: "أن يدع ذلك" أي أن يترك، من الوَدْع: وهو الترك.

قوله: "برآء" جمع بريء، والمراد من الوهم الغلط: من وَهِمَ في الحِسَاب -بالكسر- إذا غلط.

ص: وقد حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا سليمان ابن بلال، عن ربيعة، عن السائب بن يزيد: "أن عمر - رضي الله عنه - صلى على جنازة،


(١) "سنن أبي داود" (٢/ ٥٦٨ رقم ٤٤٧٦).
(٢) سورة النساء، آية: [١٠٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>