ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: حده في الرابعة كحده في الأولى.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم جمهور العلماء من التابعين ومَن بعدهم منهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم؛ فإنهم قالوا: حد شارب الخمر في الرابعة كحده في الأولى، وليس عليه قتل.
وقال الترمذي: والعمل على هذا، أي على عدم القتل عند عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافًا في ذلك في القديم والحديث.
ثم قال الشافعي: القتل منسوخ بحديث قبيصة على ما يأتي.
وقال غيره: وقد يراد بالأمر الوعيد، ولا يراد به وقوع القتل، وإنما يقصد به الردع والزجر والتحذير.
وقد يحتمل أن يكون القتل في الخامسة واجبًا ثم نسخ. بحصول الإجماع من الأمة على أنه لا يقتل، وقال بعضهم: أجمع المسلمون على وجوب الحد في الخمر، وأجمعوا أنه لا يقتل إذا تكرر منه، إلا طائفة شاذة قالت: يقتل بعد حده أربع مرات؛ للحديث، وهو عند العامة منسوخ.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا حبان هلال (ح):
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عارم بن الفضل، قالا: ثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، أن أبا أمامة بن سهل بن حنيف -هكذا قال ابن مرزوق في حديثه، وقال يزيد في حديثه: عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف- قال:"كنا مع عثمان - رضي الله عنه - وهو محصور، فقال: علامَ تقتلوني وقد سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق دينه التارك للجماعة".
ش: أي احتج هؤلاء الآخرون بحديث عثمان - رضي الله عنه - فإنه يخبر أن دم المسلم لا يحل إلا بإحدى معانٍ ثلاث، وشارب الخمر في الرابعة لم يكن داخلا في هذا، فلا يقتل. وقد اعترض ابن حزم على الحنفية، والشافعية، والمالكية هاهنا.