قلت: قد بسطنا الكلام فيه في الحديث السابق، وملخصه وهاهنا أيضًا: أن أيمن إن كان من الصحابة - رضي الله عنهم - ومات يوم حنين على ما قاله ابن إسحاق يكون الحديث منقطعًا، ولكن تأيد بحديث ابن عباس وعبد الله بن عمرو، وإن كان تأخر وفاته إلى ما بعد النبي -عليه السلام- كما زعمه الطحاوي يكون الحديث متصلًا، وإن كان من التابعين على زعم الشافعي وغيره، فيكون أيضًا متصلًا لا محالة، فافهم.
ص: وذهب آخرون إلى أنه لا يقطع إلا في ربع دينار فصاعدًا.
ش: أي ذهب قوم آخرون إلى أن السارق لا تقطع يده إلا في ربع دينار فصاعدًا، وأراد بهم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق.
ولما أخرج الترمذي (١) حديث عائشة هذا قال: والعمل على هذا عند بعض فقهاء التابعين، وهو قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، رأوا أن القطع في ربع دينار فصاعدًا.
فإن قلت: ما ذهب إليه هؤلاء هو بعينه ما ذكره الطحاوي من مذهب أهل المقالة الأولى، فلم ذكر هاهنا أيضًا بقوله وذهب آخرون؟.
قلت: لفائدة خفية لا يفهمها إلا مَن له دقة نظر، وهو أن هؤلاء وأصحاب المقالة الأولى لا شك أنهم كلهم يخالفون أصحاب المقالة الثانية، وأنهم كلهم يحتجون بحديث عبد الله بن عمر المذكور في أول الباب، وبحديث عائشة هذا كما يأتي الآن، ولكن لما كان الشافعي وأحمد وإسحاق اعتبروا تقويم الفضة والعروض بربع دينار في وجوب القطع، حتى أن مَن سرق فضة وزنها ثلاثة دراهم لا يجب عليه القطع عندهم إلا إذا كانت قيمتها ربع دينار، أفرد ذكر خلافهم هاهنا أيضًا لذلك المعنى بعد أن كانوا داخلين في أهل المقالة الأولى.