ما ليس لأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، فإذًا لم يقم لهؤلاء المعارضين ما يحتجون به على أهل المقالة الثالثة.
ص: فإن قالوا: فقد رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن وغيره عن عمرة مثل ما رواه عنها أبو بكر بن محمد، فذكروا في ذلك ما حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن جعفر بن ربيعة، عن العلاء بن الأسود بن جارية وأبي سلمة بن عبد الرحمن وكثير بن خُنَيْس:"أنهم تنازعوا في القطع، فدخلوا على عمرة يسألونها، فقالت: قالت عائشة - رضي الله عنها -: قال رسول الله -عليه السلام-: "لا قطع إلا في ربع دينار".
قيل لهم: أما أبو سلمة فلا نعلم لجعفر بن ربيعة منه سماعًا، ولا نعلمه لقيه أصلًا، فكيف يجوز أن تحتجوا بمثل هذا على مخالفكم وتعارضون به ما رواه عن عمرة مَن قد ذكرناهم؟!
ش: هذه معارضة أخرى، وتوجيهها أن يقال: قد روى هذا الحديث أبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف وغيره، عن عمرة، عن عائشة مرفوعًا، كما رواه أبو بكر بن محمد عن عمرة عنها مرفوعًا، وكفى بأبي سلمة حجة.
وأخرجه عن علي بن شيبة بن الصلت، عن عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن يحيى بن أيوب الغافقي المصري، عن جعفر بن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة الكندي المصري، عن العلاء بن الأسود بن جارية وأبي سلمة عبد الله، وكثير بن خُنيس -بضم الخاء المعجمة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة- كذا ذكره البخاري في "تاريخه" في باب الخاء المعجمة، وكذا ابن أبي حاتم في "كتاب الجرح والتعديل".
والجواب هو أن يقال: لا نسلم صحة رواية جعفر بن ربيعة، عن أبي سلمة عبد الله، فإنه لم يثبت سماعه منه، ولا علم لقيه إياه أصلًا.