للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأهل المدينة، وأهل الكوفة فإنهم قالوا: لا قطع على المستعير الجاحد وإنما عليه الضمان؛ لأنه لا يطلق عليه اسم السارق ولا يوجد فيه حد السرقة.

ص: وكان من الحجة لهم أن هذا الحديث قد رواه معمر كما ذكروا، وقد رواه غيره فزاد فيه: "أن تلك المرأة التي كانت تستعير الحلي فلا ترده سرقت فقطعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسرقتها".

فمما روي في ذلك ما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن عروة بن الزبير أخبره، عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن امرأة سرقت في عهد رسول - صلى الله عليه وسلم - زمن الفتح، فأمر بها رسول الله -عليه السلام- أن تقطع، فكلمه فيها أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - فتلون وجه رسول الله -عليه السلام- فقال: أتشفع في حد من حدود الله؟ فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله -عليه السلام- فاثنى على الله ما هو أهله، ثم قال: أما بعد: فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".

حدثنا يونس، قال: ثنا شعيب بن الليث، عن أبيه، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن قريشًا همهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله -عليه السلام-؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة. . . ." ثم ذكر مثل معناه.

فثبت بهذا الحديث أن القطع كان بخلاف المستعار المجحود.

ش: أي وكان من الدليل والبرهان للآخرين: أن الحديث الذي احتجت به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه قد رواه معمر بن راشد كما ذكروا، وقد رواه غير معمر فزاد فيه أن تلك المرأة التي كانت تستعير الحلي وتجحده قد سرقت فقطعها رسول الله -عليه السلام- لأجل سرقتها لا لأجل جحودها فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>