قوله:"هذا هو النظر عندنا" أي القياس الصحيح، ووجه ما بينه مستقصى.
ص: وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله- غير نقيع الزبيب والتمر خاصةً فإنهم كرهوه، وليس ذلك عندنا في النظر كما قالوا؛ لأنا وجدنا الأصل المجتمع عليه أن نيء العصير وطبيخه سواء، وأن الطبخ لا يحل ما لم يكن حلالًا قبل الطبخ إلا الطبخ الذي يخرجه من حد العصير إلى أن يصير في حد العسل فيكون بذلك حكمه حكم العسل، ورأينا طبيخ الزبيب والتمر مباحًا باتفاقهم، فالنظر على ذلك أن يكون فيهما كذلك، فيستوي نبيذ التمر والعنب النيء والمطبوخ كما استوى في العصير وطبيخه، فهدا هو النظر.
ولكن أصحابنا خالفوا ذلك التأويل الذي تأولوا عليه حديث أبي هريرة وأنس - رضي الله عنهما - اللذين ذكرنا؛ لشيء رووه عن سعيد بن جبير، فإنه حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أنا هشيم، عن ابن شبرمة، عن سعيد بن جبير، أنه قال في ذلك:"هي الخمر فاجتنبها". والله أعلم.
ش: أي الذي ذكرناه من النظر هو قول أبي حنيفة وصاحبيه.
قوله:"غير نقيع الزبيب والتمر خاصة" استثناء من الحكم السابق. وإنما استثنى أبو حنيفة وصاحباه نقيع الزبيب والتمر من بين سائر الأشربة المباحة، وألحقوهما بالخمر مع أن وجه النظر والقياس كان يقتضي إلحاقهما بالأشربة المباحة؛ لأجل ما روي عن سعيد بن جبير؛ فإنه قال في ذلك:"هي الخمر فاجتنبها".
أخرجه عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن عمرو بن عون الواسطي البزاز، عن هشيم بن بشير، عن عبد الله بن شبرمة القاضي، عن سعيد بن جبير.