للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والليث بن سعد والمزني صاحب الشافعي، وبعض المتأخرين من البغداديين أنها طاهرة، وأن المحرم هو شربها، وقد استدل سعيد بن الحداد القروي على طهارتها بسكبها في طرق المدينة. قال: ولو كانت نجسة لما فعل ذلك الصحابة - رضي الله عنهم -، ولنَهى عنه رسول الله -عليه السلام- كما نهى عن التخلي في الطرق، وقد ذكر ابن خواز منداد: أنها تملك، ونزع إلى ذلك بأنها يمكن أن تزال بها الغصص ويطفأ بها الحريق وهذا نقل لا يعرف لمالك -رحمه الله-.

قال أبو عمر -رحمه الله- (١): اختلف العلماء في سائر الأنبذة المسكرة. فقال العراقيون: إنما الحرام منها السكر وهو فعل الشارب، وأما النبيذ في نفسه فليس بحرام ولا نجس؛ لأن الخمر من العنب لا غير، بدليل قوله تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} (٢).

وقال أيضًا (٣): قال أحمد بن شعيب في كتابه: إن أول من أحل المسكر من الأنبذة إبراهيم النخعي وهذه زلة من عالم، وقد حُذِّرْنا من زلة العالم، ولا حجة في قول أحد مع السنة.

وزعمت طائفة أن أبا جعفر الطحاوي -وكان إمام أهل زمانه- ذهب إلى إباحة الشرب من المسكر [ما لم يسكر] (٤).

قال أبو عمر: وهذا لو صح عنه لم يحتج به على مَن ذكرنا قولهم من الأئمة المتَّبَعين في تحريم المسكر مع ما ثبت من السنة.

قلت: الطحاوي: لم يذهب إلى إباحة المسكر، وإنما ذهب إلى أن شرب ما لا يُسكر من الأنبذة مباح إلى أن يُسكر، فيحرم حينئذٍ، والله أعلم.


(١) "التمهيد" (١/ ٢٤٥).
(٢) سورة يوسف، آية: [٣٦].
(٣) "التمهيد" (١/ ٢٥٥).
(٤) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "التمهيد" (١/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>