للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: قد وقع في كثير من النسخ المعتمدة كلاهما بالفتح.

قوله "فتقه إبليس" من فتقت الشيء فتقا: شققته، وفتَّقته تفتيقا مثله، فتفتق وانفتق.

ثم إن إسناد الفتق إلى إبليس يجوز أن يكون على وجه الحقيقة على معنى أن يشق موضع الدم من الرحم لتبتلي بكثرة الدم، ليلتبس عليها أمر دينها، ويجوز أن يكون على وجه المجاز على معنى أن الشيطان بذلك يجد طريقا إلى التلبيس عليها في أمر في دينها وطهرها وصلاتها، فيصير كأنه هو الذي أسال هذا الدم.

قوله: "فإذا أدبرت الحيضة فاغتسلي وصلي" المراد من الإدبار: انقطاع الحيض، وقد وقع في رواية أبي داود: "وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي" ولكنه مشكل في ظاهره؛ لأنه لم يذكر الغسل، ولابد بعد انقضاء الحيض من الغسل.

والجواب عنه: أنه وإن لم يذكره في هذه الرواية فقد ذكر في رواية غيره.

وحمل بعضهم هذا الإشكال على أن جعل الإدبار وانقضاء أيام الحيض والاغتسال، وجعل قوله: "واغسلي عنك الدم" محمولا على دم يأتي بعد الغسل، والجواب الأول أصح.

فإن قيل: ما علامة إدبار الحيض وانقطاعه والدخول في الطهر؟

قلت: أما عند أبي حنيفة وأصحابه: الزمان والعادة هو الفيصل بينهما، فإذا أضَّلت عادتها تَحرّت، وإن لم يكن لها ظن أخذت بالأقل.

وأما عند الشافعي وأصحابه اختلاف الألوان هو الفيصل، فالأسود أقوى من الأحمر، والأحمر أقوى من الأشقر، والأشقر أقوى من الأصفر، والأصفر أقوى من الأكدر إذا جعلناهما حيضا؛ فتكون حائضا في أيام القوي، مستحاضة في أيام الضعيف، والتمييز عنده بثلاثة شروط:

أحدها: أن لا يزيد القوي على خمسة عشر يوما.

والثاني: أن لا ينقص عن يوم وليلة ليمكن جعله حيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>